يومه ذلك، لأن الواجب عليه التفريق ولم يوجد. وهذا خلاف ظاهر الأحاديث (فالراجح) ما ذهب إليه الجمهور (قال ابن دقيق العيد) أضاف الإطعام الذى هو مصدر أطعم إلى ستين فلا يكون ذلك موجودا فى حق من أطعم ستة مساكين عشرة أيام مثلا. ومن أجاز ذلك مكانه استنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال. والمشهور عن الحنفية الإجزاء حتى لو أطعم الجميع مسكينا واحدا فى ستين يوما كفى. والمراد بالإطعام الإعطاء لا اشتراط حقيقة الإطعام من وضع المطعوم فى الفم بل يكفى الوضع بين يديه بلا خلاف. وفى إطلاق الإطعام ما يدل على الاكتفاء بوجود الإطعام من غير اشتراط مناولة، بخلاف زكاة الفرض؛ فإنّ فيها النص على الايتاء وصدقة الفطر؛ فإنّ فيها النص على الأداء. وفى ذكر الإطعام ما يدل على وجود طاعمين، فيخرج الطفل الذى لم يطعم كقول الحنفية. ونظر الشافعى إلى النوع فقال يسلم لوليه. وذكر الستين ليفهم أنه لا يجب ما زاد عليها. ومن لم يقل بالمفهوم تمسك بالإجماع على ذلك قاله الحافظ (واختلف) فى القدر الذى يعطى لكل مسكين من الطعام (فذهبت المالكية والشافعية) إلى أنه مدّ. وتقدّم أنه رطل وثلث عندهم من غالب قوت البلد لا فرق بين البر وغيره، لقوله فى حديث أبى هريرة الآتى بعد حديثين "أتى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرق فيه تمر. قدر خمسة عشر صاعا" وتقدّم أنّ الصاع أربعة أمداد. ولما رواه الدارقطنى والبيهقى من رواية سفيان عن منصور عن الزّهرى عن حميد عن أبى هريرة وفيه "فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمكتل فيه خمسة عشر صاعا من تمر" ولما رواه الدارقطنى أيضا من رواية روح عن محمد بن أبى حفصة عن الزهرى عن حميد وفيه "أتى بزنبيل وهو المكتل فيه خمسة عشر صاعا أحسبه تمرا"(وذهب أحمد) إلى أنّ الواجب لكل مسكين مد من بر، أو نصف صاع من تمر أو شعير؛ لما رواه بسنده عن أبى زيد المدنى قال: جاءت امرأة من بنى بياضة بنصف وسق شعير. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للمظاهر أطعم هذا، فإنّ مدى شعير مكان مدّبّر. قال أصحاب أحمد ولأنّ فدية الأذى نصف صاع من التمر والشعير بلا خلاف فكذاهنا. والمدّ من البرّ يقوم مقام نصف صاع من غيره بدليل الحديث المتقدّم. قالوا ولأنه قول ابن عمر وابن عباس وأبى هريرة وزيد، ولا مخالف لهم فى الصحابة. ويجزئ الدّقيق والسويق. وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه فى أظهر الروايتين، لأنه قدره ما يجزئ فى الدفع بمدّ من البر أو نصف صاع من غيره، وإذا أطعمهم لا يعلم أنّ كل مسكين استوفى ما يجب له (وذهبت الحنفية) إلى أنّ الواجب لكل مسكين ما يجب فى الفطرة وهو نصف صاع من برّ أو صاع من تمر أو شعير أو قيمة ذلك، لما روى الدّارقطنى عن ابن عباس "يطعم كل يوم مسكينا نصف صاع من برّ" ولما سيأتى للمصنف فى "باب فى الظهار" عن سلمة بن صخر وفيه أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له "فأطعم وسقا من