للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهة القبلة اهـ.

وقال تقي الدين الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه صلى عليه صلاة الغائب كما صلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على النجاشي لأنه مات بين الكفار ولم يصل عليه، وإن صلى عليه حيث مات لم يصل عليه صلاة الغائب لأن الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه. والنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى على الغائب وتركه، وفعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وتركه سنة، وهذا له موضع وهذا له موضع اهـ.

وفيما قالاه نظر فإن النجاشي ذكر عنه أهل السير أنه أرسل من قبله إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وفدا نحو الستين شخصًا وفيهم ابنه أزهى وغرقوا في البحر قبل وصولهم إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيبعد كل البعد أن يرسل هذا العدد من قبله ولا يبقى عنده من المسلمين أحد. فما قالاه من أنه يصلي على الغائب إذا علم أنه لم يصل عليه تخصيص بلا مخصص.

وذهبت المالكية والحنفية إلى أنه لم تشرع الصلاة على الغائب مطلقًا وحكاه في البحر عن العنزة. ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء

(وأجابوا) عن حديث الباب بأنه خصوصية له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأن الجنازة أحضرت بين يديه فصلى عليها. أو أن الأرض رفعته ورآه ونعاه لأصحابه فأمهم في الصلاة عليه قبل أن يوارى كما كشف له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن بيت المقدس حين سألته قريش عن صفته. فصلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على النجاشي صلاة على حاضر فهي كصلاة على حاضر يراه الإِمام ولا يراه المأموم.

ويؤيد هذا ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إن أخاكم النجاشي توفي فقدموا فصلوا عليه فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وصفوا خلفه فكبر أربعًا وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه، وأخرج البيهقي نحوه. أو أن هذا خاص بالنجاشي لإشاعة أنه قد مات مسلمًا. أو فعل هذا صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم استئلافًا لقلوب الملوك الذين أسلموا في حياته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: ومما يدل على الخصوصية أنه لم يثبث عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه صلى على غائب سوى النجاشي

"وما روي" أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى على معاوية بن معاوية الليثي وهو غائب "لا يصح" فإن في إسناده العلاء بن زيد قال فيه علي بن المديني: كان يضع الحديث وقال البخاري منكر الحديث وقال أبو حاتم منكر الحديث متروك الحديث حديثه ليس بالقائم، وأيضًا لم يثبت عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه صلى على غائب ولا صلى أحد منهم ممن كان غائبًا عن المدينة وقت وفاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة الغائب مع أن في الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعظم رغبة. وردّ بأن هذا كله لا يفيد القطع بالخصوصية وأنه لا تجوز الصلاة على غائب سوى النجاشي، وقد ذكر بعض أهل السير أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله سلم صلى

<<  <  ج: ص:  >  >>