(معنى الحديث)
(قوله وقد شق بصره) بفتح الشين المعجمة ورفع بصره على الفاعلية أي أنه لما حضره الموت انفتحت عيناه وشخص بصره لا يرتد إليه طرفه. ويجوز نصب بصره على المفعولية. وقد بين في رواية مسلم سبب شق البصر عند الموت ففيها وقد شق بصره فأغمضه ثم قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "إن الروح إذا قبض تبعه البصر"
(قوله فأغمضه) أي اطبق النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عيني أبي سلمة لئلا يقبح منظره لو ترك بلا تغميض
(قوله فصيح ناس من أهله) بالمثناه التحتية المفتوحة المشددة والحاء المهملة أي رفعوا أصواتهم بالبكاء عاليا قال في اللسان صيح صوت بأقصى طاقته اهـ وفي بعض النسخ فصاح وفي رواية مسلم فضج ناس من أهله بالضاد المعجمة والجيم
(قوله لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير الخ) أي فلا تدعوا بشر كالويل والهلاك على عاده الجاهلين وادعوا بالخير نحو "اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خير منها واغفر لنا ورضنا بقضائك وقدرك" فإن الملائكة تؤمن على دعائكم فيستجاب قال الطيبي ويحتمل أن يقال أنهم إذا تكلموا في حق الميت بما لا يرضاه الله تعالى حتى ترجع تبعته عليهم فكأنهم دعوا على أنفسهم بشر, ويكون المعنى كما في قوله تعالى "ولا تقتلوا أنفسكم" أي بعضكم بعضًا ويؤيده إبقاء الدعاء على ظاهرة قوله "فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون"
(قوله في المهديين) أي اللذين هداهم الله وأنعم عليهم من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين
(قوله واخلفه في عقبة في الغابرين) أي كن له خليفه في إصلاح أحوال من يعقبه ويتأخر عنه من ذريته حال كونهم من جملة الباقين من الناس فالغابر الباقي
(فقه الحديث) دلّ الحديث على استحباب تغميض الميت, وعلى أنه ينبغي أن يدعو له ولأهله من حضره بخيري الدنيا والآخرة ولا يدعو بما فيه شر
(والحديث) أخرجه أيضًا مسلم والبيهقي, وأخرج أحمد وابن ماجه والحاكم نحوه عن قزعة ابن سويد عن حميد الأعرج عن محمود بن لبيد عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح وقولوا خيرًا فإن الملائكة تؤمن على دعاء أهل البيت"
[باب في الاسترجاع]
أي في قول إنا لله وإنا إليه راجعون عند المصيبة
(ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ نَا حَمَّادٌ أَنَا ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ