وأما مقدار ما يعطاه المحتاج من الزكاة فعند أبي حنيفة يعطى أقل من النصاب، إلا أن يكون مدينًا لا يفضل له بعد قضاء دينه نصاب، أو يكون ذا عيال إذا وزع المأخوذ على عياله لم يخص كلًا منهم نصاب. وقال مالك وأحمد يجوز أن يعطى كفاية سنة. وقال الشافعي يجوز أن يعطى كفاية العمر الغالب وهو ستون سنة كما تقدم. وقال الثوري لا يدفع له أكثر من خمسين درهما وهو رواية عن أحمد
(ش)(قوله لا تحل الصدقة لغني) أي لا يحل له أخذ الزكاة ولا تملكها لقوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ)
(قوله إلا لخمسة) أي إلا لواحد منها فتحل له بوصف آخر غير الفقر
(قوله لغاز في سبيل الله) أي مجاهد لإعلاء كلمة الدين فيعطى من الزكاة وإن كان غنيًا تشجيعًا له على الجهاد. وإلى ذلك مذهب مالك، وقال الشافعي وأحمد وإسحاق إنما يعطى الغني منها إذا كان متطوعًا بالجهاد ولا شيء له من الفيء. وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا يعطى منها إلا إذا كان فقيرًا. لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حديث معاذ المتقدم "وترد في فقرائهم" وآية (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ). وحديث لا تحل الصدقة لغني
(وقالوا) إن قوله في حديث الباب: لا تحل الصدقة لغني إلا لغاز في سبيل لله "محمول" على من كان غنيًا حال إقامته ولكنه احتاج في سفره إلى سلاح ليستعمله في غزوة ومركب يغزو عليه وخادم يستعين به على ما لم يكن محتاجًا إليه حال إقامته، فإنه يجوز حينئذٍ أن يعطى من الزكاة ما يستعين به على حاجته التي حدثت له في سفره. وذلك لأن الغنيّ اسم لمن يستغني بما يملكة، وهذا كان كذلك قبل حدوث الحاجة وأما بعده فلا
(وقال الأولون) إن الآية وحديث معاذ وحديث لا تحل الصدقة لغني عامة، وحديث الباب مخصص لعمومها صريح في حل الزكاة لهؤلاء الخمسة ولو أغنياء
(قوله أو العامل عليها) أي على جمع الزكاة وهو الذي نصبه الإِمام لجباية الصدقات ويدخل فيه الساعي والكاتب والقاسم والحاشر الذي يجمع أرباب الأموال من أماكنهم إلى