للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما رواه الحاكم والبيهقي من طريق الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعيله أن يحج حجة أخرى (وقال داود) وأصحابه وطائفة من أهل الحديث إن الصبي إذا حج قبل بلوغه كفاه عن حجة الإسلام، وليس عليه أن يحج حجة أخرى أخذا بظاهر حديث الباب. لكن الحديث ليس فيه ما يدل على أن الصبي إذا حج يجزئه عن حجة الإسلام، لا سيما وأن حديثي أحمد والحاكم المذكورين صريحان في أن الصبي إذا حج قبل بلوغه لا يكفيه ذلك عن حجة الإسلام (قال في النيل) قال ابن بطال أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبي حتى يبلغ إلا أنه إذا حج كان له تطوعا عند الجمهور وقال الطحاوي: لا حجة في قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نعم، على أنه يجزئه عن حجة الإسلام. بل فيه حجة على من زعم أنه لا حج له، لأن ابن عباس راوي الحديث قال "أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخرى" وأخرج ابن عدي من حديث جابر قال "لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى" فيؤخذ من مجموع هذه الأحاديث أنه يصح حج الصبي ولا يجزئه عن حجة الإسلام إذا بلغ. وهذا هو الحق فيتعين المصير إليه جمعا بين الأدلة اهـ ملخصا وعليه فكل ما يترتب على الكبير المحرم من هدى وفدية وجزاء صيد يترتب على الصبي ويطالب به وليه (قال) الخطابي: فإذا كان له حج فقد علم أن من سنته أن يوقف به في المواقف ويطاف به محمولا إن لم يطق المشي وكذلك السعي بين الصفا والمروة ونحوها من أعمال الحج. وفي معناه المجنون إذا كان ميئوسا من إفاقته. وفي ذلك دليل على أن حجه إذا فسد ودخله نقص، فإن جبرانه واجب عليه كالكبير. وإن اصطاد صيدا لزمه الفداء كالكبير. وقال بعض أهل العراق لا يحج بالصبي الصغير. والسنة أولى ما اتبع اهـ ملخصا. ما روى عن أبي حنيفة من أنه لا يصح إحرام الصبي بالحج، فمعناه أنه لا يصح صحة يترتب عليها وجوب الكفارة عليه إذا فعل محظورا من محظورات الإحرام زيادة في الرفق، لا أنه لا يثاب عليه. وعليه فلو ارتكب الصبي محظورا في الحج فلا دم فيه عند الحنفية لا في ماله ولا في مال وليه. وقالت المالكية فدية اللبس والطيب ونحوهما على وليه، وجزاء الصيد في غير الحرم على وليه مطلقا. أما ما صاده فى الحرم فعلى وليه إن كان لا يخاف على الصبي بتركه ضياعا وإلا ففي مال الصبي. وقالت الشافعية لو ارتكب الصبي غير المميز محظورا فلا ضمان مطلقا. وإن كان مميزا فالضمان على وليه. وإن أتلف بإرشاد غيره فالضمان على المرشد. وقالت الحنابلة نفقة حج الصبي وكفاراته في مال وليه على الصحيح

(والحديث) أخرجه أيضا أحمد ومسلم والنسائي

٩ - باب المواقيت

وفي نسخة "باب في المواقيت" أي الأماكن التي يحرم منها الحاج والمعتمر. جمع ميقات مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>