بل المراد المبالغة في التخفيف بالنسبة إلى عادته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من إطالة صلاة النوافل ليلًا أو نهارًا. والحكمة في تخفيفه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم القراءة فإما المبادرة لصلاة الصبح أول وقتها. وبه جزم القرطبي وقيل ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما كان يستفتح قيام الليل بركعتين ليتأهب للتفرغ للفرض أولقيام الليل الذي هو أفضل النوافل المطلقة. والحديث يدل على مشروعية تخفيف القراءة في ركعتي الفجر. وهو مذهب الجمهور وتمسك من زعم أنه لا قراءة فيهما أصلًا بهذا الحديث كأبي بكر الأصم وابن علية وطائفة من الظاهرية مردود بما ثبت في الأحاديث الآتية بل بالحديث نفسه. فإن الغرض منه الاقتصار على قراءة الفاتحة. قال القرطبي ليس معنى الحديث أنها شكت في قراءته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الفاتحة. وإنما معناه أنه كان يطيل القراءة في النوافل فلما خفف قراءة ركعتي الفجر صار كأنه لم يقرأ فيهما بالنسبة لغيرهما من الصلوات اهـ ببعض تصرف.
وبالحديث تمسك مالك في المشهور عنه فقال لا يزيد في ركعتي الفجر على القراءة بأم القرآن لقول عائشة إني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن أولا فإنه يدل على أن قراءة الفاتحة فيهما كان أمرًا مقررًا عندهم لكن لا يصلح للتمسك به على هذا لما علمت من أن المراد منه المبالغة في تخفيف القراءة فيهما بالنسبة لغيرهما فلا يقوى على رد الأحاديث الصريحة الآتية الدالة على أنه قرأ فيهما بغير أم القرآن. على أن ابن القاسم روى في مالك أنه كان يقرأ فيهما بأم القرآن وسورة من قصار المفصل. وروى ابن وهب أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قرأ فيهما بـ (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). وذكر الحديث لمالك فأعجبه
(والحديث) أخرجه مالك والشيخان والنسائي والطحاوي والبيهقي
(ش) مناسبة الحديث للترجمة من حيث أنه قرأ فيهما بسورة قصيرة مع الفاتحة
(رجال الحديث)(يزيد بن كيسان) أبو إسماعيل اليشكري. روى عن أبي حازم وسعيد بن الأزهر. وعنه ابن عيينة وأبو خالد الأحمر ومروان بن معاوية وجماعة. وثقة النسائي وابن معين وأحمد والدارقطني وقال أبو حاتم يكتب حديثه محله الصدق صالح الحديث وقال ابن حبان كان يخطئُ ولم يفحش خطؤه حتى لا يعد من العدول ولا أتى بما ينكر فهو مقبول إلا ما يعلم أنه أخطأ فيه فيترك. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي والبخاري