منها ما أخرجه ابن إسحاق من حديث ابن عباس أن أبا طالب لما تقارب منه الموت بعد أن عرض عليه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يقول لا إله إلا الله، فأبى قال فنظر العباس إليه وهو يحرك شفتيه فأصغى إليه فقال يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها. وهو حديث ضعيف في سنده من لم يسم. ويدل على ضعفه أيضًا سؤال العباس عن حال أبي طالب. وعلي فرض ثبوته فقد عارضه ما هو أصح منه مما تقدم في الصحيحين وغيرهما.
وما ذكره أهل السير من أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما خرج من الكعبة وجلس في المسجد والناس حوله خرج أبو بكر وجاء بأبيه رضي الله عنهما يقوده وقد كف بصره فلما رآه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه؟ وفي لفظ لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه "تكرمة لأبي بكر" فقال أبو بكر يا رسول الله: هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه، فأجلسه بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فمسح رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صدره وقال أسلم تسلم، فأسلم رضي الله عنه وهنأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أبا بكر بإسلام أبيه رضي الله عنهما، وعند ذلك قال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والذي بعثك بالحق لإسلام أبي طالب كان أقر لعيني من إسلامه. فهذا ظاهر في أن أبا طالب مات كافرًا فإن إسلام أبي قحافة كان في السنة الثامنة من الهجرة عام الفتح، وتقدم أن أبا طالب توفي قبل الهجرة بثلاث سنوات "وما قاله" من الشعر والنثر مما يدل على تصديقه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واعترافه بأن ما جاء به حق "فالجواب عنه" أنه نظير ما حكى الله عن كفار قريش من قوله (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًا). فقد كان كفرهم عنادًا وكبرًا. وإلى ذلك أشار أبو طالب فقال لولا أن تعيرني قريش يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينيك رواه مسلم
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والنسائي والبزار وابن أبي شيبة وابن راهويه والشافعي وأبو يعلى وأبو داود الطيالسي، وأخرج البيهقي نحوه من طريق الفضل بن دكين عن سفيان وزاد في آخره ثم دعا لي بدعوات ما يسرني ما على الأرض بهن من شيء