إن قيل مذهبكم أدّاكم إلى إنكار عذاب القبر وقد أطبقت عليه الأمة. قيل إن هذا الأمر إنما أنكره أولا ضرار بن عمرو لما كان من أصحاب واصل فظنوا أن ذلك مما أنكرته المعتزلة وليس الأمر كذلك بل المعتزلة رجلان أحدهما يجوّز ذللك كما وردت به الأخبار، والثانى يقطع بذلك وأكثر شيوخنا يقطعون به وإنما ينكرون قول بعض الجهلة إنهم يعذبون وهم موتى. والعقل يمنع ذلك اهـ بتصرف. فيجب الإيمان بأن الله تعالى يحيى العبد ويردّ إليه الحياة والعقل كما نطقت به الأخبار وكذا يكمل العقل للصغار ليعلموا منزلتهم وسعادتهم وقد جاء أن القبر ينضم عليه كالكبير، والمعذب عند أهل السنة الجسد كله أو بعضه بعد إعادة الروح إلي إليه أو إلى جزئه أفاده العينى في شرح البخارى، وقد جاء في عذاب القبر أحاديث كثيرة (منها) حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر فقالت لها أعاذك الله من عذاب القبر قالت عائشة فسألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن عذاب القبر فقال نعم عذاب القبر حق قالت فما رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد صلى صلاة إلا تعوّذ من عذاب القبر رواه البخارى ومسلم (ومنها) حديث ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إن الموتى ليعذبون في قبورهم حتى أن البهائم لتسمع أصواتهم رواه الطبرانى في الكبير بإسناد حسن (ومنها) حديث أنس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر رواه مسلم. وخلاف بعض المعتزلة في ذلك من الأباطيل التى لا مستند لها إلا لمجرد الهوى. ودلّ الحديث أيضا على نجاسة بول الإنسان قليله وكثيره وهو مذهب عامة الفقهاء غير أنه يعفى عما لا يمكن الاحتراز عنه، وليس فيه دليل على نجاسة بول الحيوان مطلقا من مأكول اللحم وغيره. قال الحافظ في الفتح قال ابن بطال أراد البخارى أن المراد بقوله في رواية الباب كان لا يستتر من البول بول الناس لا بول سائر الحيوان فلا يكون فيه حجة لمن حمله على العموم في بول جميع الحيوان وكأنه (يعنى ابن بطال) أراد الردّ على الخطابىّ حيث قال فيه دليل على نجاسة الأبوال كلها، ومحصل الردّ أن العموم في رواية من البول أريد به الخصوص لقوله في الرواية الأخرى من بوله، أو الألف واللام عوض عن الضمير لكن يلتحق ببوله بول من هو في معناه من الناس لعدم الفارق وكذا غير المأكول وأما المأكول فلا حجة في هذا الحديث لمن قال بنجاسة بوله ولمن قال بطهارته حجج أخرى اهـ ببعض تصرف، ودلّ أيضا على وجوب الاستبراء من البول لما يترتب على تركه من بطلان الصلاة والعذاب في القبر. فعن أبى هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أكثر عذاب القبر من البول رواه ابن خزيمة في صحيحه وأحمد وابن ماجه واللفظ له والحاكم وقال صحيح على