للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظيره إذا عين أحد لمن يبني دار في كل يوم دنانير وعين له إذا أتمها جائزة أخرى زائده على أجرته اليومية وأجاب الكرماني بأن المراد أنها تعدل ثلث القرآن في أصل الأجر دون المضاعفة فمن قرأها ثلاث مرات كأنه قرأ من القرآن من غير مضاعفة ومن قرأها ثلاثين مرة فكأنه قرأ القرآن كله مع المضاعفة والأحسن أن يقال لا مانع من أن يخص الله بعض العبادة التي ليس فيها كثير مشقة بثواب أكثر ما هو من جنسها وأشق منها بأضعاف مضاعفة وهو سبحانه الذي لا حجر عليه ولا يتناهى جوده وكرمه فلا يبعد أن يتفضل جل وعلا على قارئ القرآن بكل حرف عشر حسنات ويزيد على ذلك أضعافًا مضاعفة لقارئ الإخلاص بحيث يعدل ثوابه ثواب قارئ ثلث منه غير مشتمل على تلك السورة ويفوض حكمه التخصص إلى علمه سبحانه وتعالى وكذا يقال في أمثالها وهذا مراد من جعل ذلك من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه وليس هذا بأبعد ولا أبدع من تخصيص بعض الأزمنة والأمكنة المتحدة الماهية بأن للعبادة فيه ولو قليلة من الثواب ما يزيد أضعافًا مضاعفة على ثواب العبادة في مجاوره مثلًا ولو كثيره بل قد خصص الأزمنة والأمكنة بوجوب العبادة فيه وبعضها بحرمتها فيه. وله سبحانه وتعالى في كل ذلك من الحكم ما هو به أعلم أفاده في روح المعاني وقال ابن عبد البر السكوت في هذه المسأله أفضل من الكلام فيها وأسلم واختار في الفتح القول بمضاعفه الأجر أيضًا قال ومنهم من حمل ذلك على تحصيل الثواب فقال معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب قراءتها يحصل للقارئ مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن ويستأنس له بما رواه العقل عن رجاء الغنوي "من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنه قرأ القرآن أجمع" وقيل مثله بغير تضعيف وهي دعوى بدون دليل ويؤيد الإطلاق ما أخرجه مسلم من حديث أبي الدرداء وفيه "قل هو الله تعدل ثلث القرآن" وساق روايات أخر أيد بها الإطلاق اهـ

(وفي الحديث) دلاله على مزيد فضل قل هو الله أحد لما تضمنه من تنزيه الله تعالى عن كل ما لايليق به لأنها مع قصرها جامعة لصفات الله الأحدية ومتضمنه لنفي ما لا يليق بجلاله من الوالد والولد والنظير فليس هناك من يمنعه كالوالد ولا من يساويه كالكفء ولا من يعينه كالولد, وهذه أصول مجامع التوحيد الاعتقاديه. وفيه جواز تكرار السورة الواحده في الصلاة مرات. وفيه أن الله يعطي على العمل القليل ما لا يعطيه على العمل الكثير.

وقد ورد في فضلها أحاديث أخر. منها ما أخرجه الترمذي والنسائي والأحكام ومالك عن أبي هريرة قال أقبلت مع رسول الله صلى تعالى عليه وعلى آله وسلم فسمع رجلًا يقر قل هو الله أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجبت فسألته ماذا يا رسول الله فقال الجنة, فقال أبوهريرة فأردت أن اذهب إلى الرجل فأبشره ثم فرقت أن يفوتني الغداء مع رسول الله صلى تعالى عليه وعلى آله وسلم فآثرت الغداء مع

<<  <  ج: ص:  >  >>