تنزيها كما في البحر عن الغايه. وفيه عنها: وينبغي لمن تبع الجنازة أن يطيل الصمت. وفيه عن الظهيره: وإن أراد أن يذكر الله تعالى يذكره في نفسه وعن إبراهيم أنه كان يكره أن يقول الرجل وهو يمشي مع الجنازة استغفروا له غفر الله لكم قلت وإذا كان هذا في الدعاء والذكر فما ظنك بالغناء الحادث في هذا الزمان اهـ كلام ابن عابدين
وقال النووي في الأذكار: إن الصواب والمختار ما كان عليه السلف رضي الله تعالى عنهم من السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك. والحكمة فيه أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة وهو المطلوب في هذا الحال, فهذا هو الحق ولا تعتبر بكثرة من يخالفه فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما معناه: الزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.
وقد روينا في سنن البيهقي ما يقتضي ما قلته: وأما ما يفعله الجهلة من القراء على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضوعه فحرام بإجماع العلماء, وقد أوضحت قبحه وغلظ تحريمه وفسق من تمكن من إنكاره فلم ينكره في كتاب آداب القراء والله المستعان
وكلام النووي ونحوه في حواشي المنهج عن الرملي والبرماوي وغيرهما من أكابر السادة الشافعية قالوا: المختار والصواب ما كان عليه السلف من السكوت حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غيرهما بل يشتغل بالتفكر في الموت وما بعده وفناء الدنيا وأن هذا آخرها, ومن أراد الاشتغال بالقراءة والذكر فليكن سرًا, وما يفعله جهله القراء من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضعه فحرام يجب إنكاره والمنع منه ومن تمكن من منعه ولم يمنعه فسق وقال العلامة ابن الحاج المالكي في المدخل: وليحذر من هذه البدعة التي يفعلها أكثرهم وهي أنهم يأتون بجماعة من الناس يسمونهم بالفقراء الذاكرين يذكرون أمام الجنازة جماعة على صوت واحد يتصنعون في ذكرهم ويتكلفون فيه على طرق مختلفة, وكل طائفة لها طريق في الذكر وعادة تختص بها فيقولون هذه طريقة المسلمية وهذه طريقة كذا كما جرت عادتهم في اختلافهم في الأحزاب التي يقرءونها فيقولون: هذا حزب الزاوية الفلانية وهذا حزب الزاوية الفلانية وهكذا كل واحد لا يشبه الآخر غالبًا ثم العجب من أهل الميت كيف يأتون بالفقراء للذكر على الجنازة للتبرك بهم وهم عنه بمعزل لأنهم يبدلون لفظ الذكر بكونهم يجعلون موضع الهمزة ياء وبعضهم ينقطع نفسه عند آخر قوله لا إله ثم يجد أصحابه قد سبقوه بالايجاب فيعيد النفي معهم في المرة الثانية, وذلك ليس بذكر: يؤدب فاعله ويزجر على ما أتى به من التغيير للذكر الشرعي وإذا كان كذلك فأين البركة التي حصلت بحضورهم؟ على أنهم لو أتوا بالذكر على وجهه لمنع فعله للحديث في الدين, أي لأنه لم يفعله رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا أصحابه