للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قال مروان لعبد الرحمن بن الحارث: اذهب إلى أمّ سلمة فسلها. فقالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصبح جنبا منى فيصوم ويأمرنى بالصيام

(قوله قال عبد الله الأذرمى فى حديثه فى رمضان) أى زاد فى روايته على عبد الله ابن مسلمة قوله (فى رمضان) أى كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصبح جنبا فى رمضان

(قوله من جماع غير احتلام) صرحت بهذا لزيادة الإيضاح، لأن الاحتلام من الشيطان وهو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معصوم من الشيطان، أو أنّ المراد بالاحتلام إنزال المنى بغير رؤية شئ فى المنام وهو جائز فى حق الأنبياء ولا نقص فيه. وقيدت بالجماع للرّد على من زعم أنّ من أصبح جنبا متعمدا يفطر. وإذا كان المتعمد لا يفطر فمن نسى الاغتسال أو نام عنه لا يفطر بالأولى (قال) ابن دقيق العيد. لما كان الاحتلام يأتى للمرء على غير اختياره فقد يتمسك به من يرخص لغير المتعمد الجماع. فبين فى هذا الحديث أن ذلك كان من جماع لإزالة هذا الاحتمال

(قوله ثم يصوم) فيه دلالة على صحة صوم من أصبح جنبا ولا قضاء عليه. لا فرق بين أن تكون الجنابة من جماع أو غيره، وسواء أكان ذلك الصوم فرضا أم نفلا، وسواء أكان تأخير الغسل إلى ما بعد الفجر عمدا أم نسيانا. لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك لبيان الجواز. وبه قال على وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو ذر وأبو الدّرداء وابن عمر وابن عباس وعليه فقهاء الأمصار بالعراق والحجاز وأئمة الفتوى ومالك وأبو حنيفة والشافعى وأحمد والثورى والأوزاعى وغيرهم من الصحابة والتابعين. وجزم النووى بأنه استقرّ الإجماع عليه. وقال ابن دقيق العيد إنه صار ذلك إجماعا أو كالإجماع. وقال طاوس وعروة بن الزبير وإبراهيم النخعى: إنه إن أخر الغسل عن الفجر عامدا لم يصح صومه. وإلا صح. وحكى عن الحسن البصرى وإبراهيم النخعى أيضا أنه لا يجزئه الصوم فى الفرض ويجزئه فى النفل وقال ابن حزم لا يبطل صومه إلا إن طلعت عليه الشمس قبل أن يغتسل ويصلى. وروى عن سالم بن عبد الله وعطاء بن أبي رباح أنه يتم صوم ذلك اليوم ويقضيه. ولا حاجة لهم على ذلك كله وقال الفضل عن عباس وأسامة بن زيد وأبو هريرة لا يصح صوم من أصبح جنبا مطلقا. وحكى عن طاوس أيضا (واستدلوا) بما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال سمعت أباهريرة يقول: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: من أدركه الصبح جنبا فلا صوم له. وأخرجه أحمد وابن حبان من طريق همام عن معمر يلفظ "قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إذا نودى للصلاة صلاة الصبح وأحدكم جنب فلا يصم حينئذ" (وأجابوا) عن حديث الباب وأشباهه بأن ذلك من خصوصياته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ورد بأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل ولا دليل عليها: على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد

<<  <  ج: ص:  >  >>