وكرهوا الإكثار عليه والمولاة لئلا يضجر بضيق حاله وشدة كربه فيكره ذلك بقلبه أو يتكلم بما لا يليق, قالوا وإذا قالها مرة لا يكرر عليه إلا أن يتكلم بعده بكلام آخر فيعاد التعريض به ليكون آخر كلامه والجمهور على أن هذا التلقين مندوب وظاهر الحديث يقتضي وجوبه وذهب إليه جمع بل نقل بعض المالكية الاتفاق عليه قاله القاري, وأما التلقين بعد الدفن فذهبت الشافعية إلى جوازه أيضًا أخذًا بظاهر حديث الباب, قالوا يجلس عند رأسه ويقول: يا فلان ابن فلان ويا عبد الله بن أمة الله اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبد الله ورسوله, وأن الجنة حق, وأن النار حق, وأن البعث حق, وأن الساعة آتية لا ريب فيها, وأن الله يبعث من في القبور, وأنك رضيت بالله ربًا وبالاسلام دينًا وبمحمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نبيًا وبالقرآن إمامًا وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانًا, أفاده في شرح المهذب, وعند الحنفية خلاف
قال في فتح القدير: أما التلقين بعد الموت وهو في القبر فقيل يفعل لحقيقه ما روينا "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" ونسب إلى أهل السنة والجماعة وخلافه إلى المعتزلة, وقيل لا يؤمر به ولا ينهى عنه ويقول: يا فلان يابن فلان اذكر دينك الذي كنت عليه في دار الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله, ولا شك أن اللفظ لا يجوز إخراجه عن حقيقته إلا بدليل اهـ.
وذهب ابن الطلاع وابن الحاج والقرطبي وغيرهم من المالكية إلى ندب التلقين بعد الدفن, قال الأبيّ: لا يبعد حمل لقنوا موتاكم على التلقين بعد الدفن ووجه عدم البعد ما فيه من حمل لفظ الحديث على ظاهره والأصل عدم التأويل. وذهب جماعة من المالكية إلى عدم استحبابه, قال زروق في شرحه على الرسالة: قال التادلي وظاهر كلام الشيخ "يعني ابن عرفه" أنه لا يلقن بعد الموت وبه قال عز الدين وحمل قوله لقنوا موتاكم على من دنا موته, وهو بدعة إذ لم يصح فيه شيء وهذا هو الأولى لأن التلقين بعد الدفن لم يعرف لدى السلف بل هو أمر حادث, فلا يحمل عليه الحديث, مع أن التلقين اللغوي حقيقة في المختصر مجاز في الميت ولذا قال ابن حبان وغيره ان المراد في الحديث من حضره الموت, ويؤيده ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله ولقنوهم عند الموت لا إله إلا الله" وإلى هذا ذهب أكثر الحنابلة: وأما حديث أبي أمامة قال: إذا أنا مت فأصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن نصنع. بموتانا قال "إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب, ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يستوى قاعدًا, ثم يقول يا فلان بن فلانة فإنه يقول ارشدنا يرحمك الله, ولكن لا تشعرون فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله