المذكور أيضًا إذا تعدد المالك. وأما إذا اتحد المالك وكان له ماشية ببلد لا تبلغ نصابًا وله بأخرى ما يكمله من جنس تلك الماشية فإنه يضم بعضها إلى بعض. وكذا من كان له نصاب في جهة وآخر في جهة أخرى فإنه يضم بعضه إلى بعض أيضًا ولا يضر اختلاف الأمكنة.
وقد ذهب إلى ذلك الجمهور ووافقهم أحمد فيما إذا كانت ماشية الرجل المتفرقة دون مسافة القصر وأما إذا كانت بينهما مسافة القصر فما فوق فلا يجمع بينها وينزل كل منها منزلة مال مستقل فما بلغ منها نصابًا زكى وإلا فلا قال ابن المنذر لا أعلم هذا القول عن غير أحمد.
ويؤخذ من عموم النهي في الحديث أن من كان عنده دون النصاب من الفضة ودون النصاب من الذهب لا يضم بعضه إلى بعض وعلى ذلك أكثر العلماء: وقالت الحنفية والمالكية يضم بعضه إلى بعض ليصير نصابًا كاملًا فتجب فيه الزكاة. وحملوا النهي في الحديث على الماشية وسيأتي مزيد بيان لذلك في موضعه إن شاء الله تعالى
(قوله وما كان من خليطين الخ) المراد بالخليطين عند الحنفية الشريكان اللذان اختلط مالهما بلا تمييز. قالوا ولا أثر للخلطة في إيجاب الزكاة فلا تجب في نصاب مشترك كان يكون بلوغه نصابًا بضم أحد المالين إلى الآخر لا فرق في ذلك بين السائمة وغيرها مستدلين بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "ليس فيما دون خمس ذود صدقة".وقوله في حديث الباب.
فان لم تبلغ سائمة الرجل أربعين "يعني من الغنم" فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها وكذا جميع النصوص الواردة في نصب الزكاة تدل على عدم الوجوب فيما دونها. وقالوا المراد بتراجع الخليطين بالسوية تراجعهما بمقضى الحصص كأن يكون لشريكين مائة وثلاث وعشرون شاة لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث، فأخذ الساعي من كل شاة فإنه يرجع صاحب الثلث على صاحب الثلثين بالثلثين من الشاة التي دفعها ويرجع صاحب الثلثين على صاحب الثلث بالثلث من الشاة التي دفعها فيقابل الثلث المطالب به صاحب الثلث بثلث من الثلثين المطالب بهما صاحب الثلثين ويبقى عليه ثلث.
أما لو تساويا فلا رجوع لأحدهما على الآخر كما لو كان المال المشترك مائة وعشرين شاة لكل منها ستون فأخذ الساعي منها شاتين ومنه يعلم أنه لا أثر للخلطة في مقدار الواجب وإن كان لها تأثير في تقليل المطلوب من أحد الشريكين وتكثير المطلوب من الآخر عند اختلاف ماليها.
وقالت المالكية خلطاء الماشية كمالك واحد في الزكاة، ولا أثر للخلطة إلا إذا كان كل من الخليطين يملك نصابًا بشرط اتحاد الراعي والفحل والمراح ونية الخلطة. وأن يكون مال كل متمايزًا عن الآخر وإلا كانا شريكين وأن يكون كل منهما أهلًا للزكاة، فلو كان أحدهما عبدًا أو كافر فلا تصح خلافًا لابن الماجشون ولا يشترط اتحاد المبيت ولا كون الخلطة في جميع الحول، فلو اختلطا قبل الحول بنحو شهرين فهما خليطان ولا يكفي الشهر خلافًا لابن حبيب، ولا تؤثر الخلطة إلا في المواشي. وبه قال