(وفي الحديث) دلالة على أنه يندب قراءة القرآن على هذه المراتب المذكورة ويأخذ كل منها على حسب حاله مخافة المال والإسراع في القراءة.
قال النووي هذا من الإرشاد إلى الاقتصاد في العبادة والإشارة إلى تدبر القرآن وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرءون كل يوم بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم: فكان بعضهم يختم القرآن في كل شهر، وبعضهم في عشرين يومًا، وبعضهم في عشرة أيام، وبعضهم أو أكثرهم في سبعة، وكثير منهم في ثلاثة، وكثير منهم في كل يوم وليلة، وبعضهم في كل ليلة، وبعضهم في اليوم والليلة ثلاث ختمات، وبعضهم ثمان ختمات وهو أكثر ما بلغنا. والمختار أنه يستكثر منه ما يمكنه الدوام عليه ولا يعتاد إلا ما يغلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره. هذا إذا لم تكن له وظائف عامة أو خاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها، فإن كانت له وظيفة عامة كولاية وتعليم ونحو ذلك فليوظف لنفسه قراءة يمكنه المحافظة عليها مع نشاطه من غير إخلال بشيء من كمال تلك الوظيفة اهـ
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم من طريق شيبان بن عبد الرحمن عن يحيى عن محمَّد بن عبد الرحمن مولى بني زهرة عن أبي سلمة، وأخرجه محمَّد بن نصر في قيام الليل
(قوله فناقصني وناقصته) أي راجعني وراجعته في النقصان وهو ظاهر بالنسبة للقراءة، أما في الصوم فليس بظاهر لأنه زايده في الأيام فإنه أمره صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، قال أطيق أكثر من ذلك فزاده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما في رواية للبخاري عنه بقوله صم من كل جمعة ثلاثة أيام، فقال أطيق أكثر من ذلك فقال صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أفطر يومين وصم يومًا، فقال أطيق أكثر من ذلك فقال صم يومًا وأفطر يومًا. ففي التعبير اكتفاء أي فناقصني وناقصته في القراءة وزايدني وزايدته في أيام الصوم