أدخلهما وهما طاهرتان (والحديث) يدلّ على اشتراط تقدّم الطهارة الكاملة في المسح على الخفين لتعليله عدم النزع بإدخالهما طاهرتين وهو يستلزم أن إدخالهما غير طاهرتين يقتضى النزع (وقد) ذهب إلى ذلك مالك والشافعى وأحمد وإسحاق فلو غسل إحدى رجليه ثم أدخلها الخفّ ثم غسل الأخرى وأدخلها لم يجزئ المسح على الخفين بهذه الطهارة (قال) النووى فيه دليل على أن المسح لا يجوز إلا إذا لبسهما على طهارة كاملة بأن يفرغ من الوضوء بكماله ثم يلبسهما لأن حقيقة إدخالهما طاهرتين أن تكون كل واحدة منهما أدخلت وهي طاهرة (وقد اختلف) العلماء في هذه المسألة فمذهبنا أنه يشترط لبسهما على طهارة كاملة حتى لو غسل رجله اليمنى ثم لبس خفها قيل غسل اليسرى ثم غسل اليسرى ثم لبس خفها لم يصح لبس اليمنى فلا بدّ من نزعها وإعادة لبسها ولا يحتاج إلى نزع اليسرى لكونها ألبست بعد كمال الطهارة، وهو مذهب مالك وأحمد وإسحاق اهـ (وذهب) داود إلى أن المراد بالطهارة في الحديث طهارة القدمين من النجاسة فلو لبسهما على حدث وكانتا طاهرتين من النجاسة جاز المسح عليهما (وذهب) أبو حنيفة وسفيان الثورى ويحيى بن آدم والمزني وأبو ثور إلى أنه لا يشترط كمال الطهارة وقت اللبس بل وقت الحدث فإذا غسل إحدى رجليه ثم لبسها وغسل الأخرى ثم لبسها صح له أن يمسح عليهما بهذه الطهارة لصدقه بأنه أدخل كلا من رجليه وهي طاهرة (وتعقب) بأن الحكم المرتب على التثنية غير الحكم المرتب على الوحدة (واستضعفه) ابن دقيق العيد فقال وقد استدلّ به بعضهم على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل إحداهما وأدخلها الخفّ ثم غسل الأخرى وأدخلها الخفّ لم يجز المسح، وفى هذا الاستدلال عندنا ضعف "أعني في دلالته على حكم هذه المسألة" فلا يمتنع أن يعبر بهذه العبارة عن كون كل واحدة منهما أدخلت طاهرة بل ربما يدّعي أنه ظاهر في ذلك فإن الضمير في قوله أدخلتهما يقتضى تعليق الحكم بكل واحدة منهما: نعم من روى فإني أدخلتهما وهما طاهرتان قد يتمسك برواية هذا القائل من حيث إن قوله أدخلتهما يقتضى كل واحدة منهما وقوله وهما طاهرتان حال من كل واحدة منهما فيصير التقدير أدخلت كل واحدة في حال طهارتهما وذلك إنما يكون بكمال الطهارة، وهذا الاستدلال بهذه الرواية من هذا الوجه قد لا يتأتى في رواية من روى أدخلتهما طاهرتين، وعلى كل حال فليس الاستدلال بذلك القوى جدًّا لاحتمال الوجه الآخر في الروايتين معا. اللهم إلا أن يضمّ إلى هذا دليل يدلّ على أنه لا تحصل الطهارة لإحداهما إلا بكمال الطهارة في جميع الأعضاء فحينئذ يكون ذلك مع هذا الحديث مستندا لقول القائلين بعدم الجواز "أعنى أن يكون المجموع هو المستند" فيكون هذا الحديث دليلا على اشتراط طهارة كل واحدة منهما ويكون ذلك الدليل دالا على أنهما لا يطهران إلا بكمال الطهارة، ويحصل من هذا المجموع حكم المسألة المذكورة في عدم الجواز اهـ (قال) العينى وفي الحديث دليل على أن