للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما نقله من أمر إلا بعد عجزه عنه، وليس هذا شأن التخيير، ولأنه عطف بعض الجمل على بعض بالفاء التى للترتيب والتعقيب. قال البيضاوى: إنّ ترتيب الثانى على الأول والثالث على الثانى بالفاء يدل عل عدم التخيير مع كونها فى معرض البيان. وجواب السؤال منزل منزلة الشرط (وإلى وجوب الترتيب) ذهب أبو حنيفة والشافعى وابن حبيب من المالكية. وهو مشهور مذهب أحمد وذهب مالك وأصحابه الى أنها واجبة على التخيير مستدلين بما رواه مالك فى موطئه بسنده إلى أبى هريرة "أنّ رجلا أفطر فى رمضان فأمره رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا" وسيأتى للمصنف بعد حديث فإنه عبر فيه بأو المفيدة للتخيير. قالوا وهذا الحديث يدل على أنّ الترتيب المذكور فى غيره من الأحاديث ليس مرادا، ولأنه اقتصر على الإطعام فى حديث عائشة الآتى آخر الباب ونقل الخطابى عن مالك أنه قال: الإطعام أحب إلىّ من العتق اهـ والتخيير المذكور رواية عن أحمد. وذهب ابن أبى ليلى وابن جرير إلى أنه مخير بين العتق والصيام. قالا ولا سبيل إلى الإطعام إلا بعد العجز عنهما (وظاهر الحديث) أيضا أنّ الكفارة واجبة على الرجل فقط دون المرأة، وبه قال الأوزاعى والحسن وهو الأصح من قولى الشافعى. واستدلوا على ذلك بإفراده فى الحديث فى قوله خذ هذا وتصدّق به، وبقوله فى المراجعة هل تستطيع هل تجد؟ وبسكوته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن إعلام المرأة بوجوب الكفارة عليها مع الحاجة "وفيه" أنه لا حاجة تدعو إلى بيان حكم الكفارة فى حق المرأة لأنها لم تعترف ولم تسأل واعتراف الزوج عليها لا يوجب عليها حكما ما لم تعترف، وأنها واقعة حال، فالسكوت عنها لا يدل على الحكم لاحتمال أن تكون المرأة غير صائمة لعذر من الأعذار بأن كانت مريضة أو مسافرة أو صغيرة أو مجنونة أو طهرت من حيضها فى أثناء النهار. وأنّ التنصيص على الحكم فى حق بعض المكلفين كاف عن ذكره فى حق الباقين (قال الخطابى) وقال الشافعى يجزئهما كفارة واحدة وهى على الرجل دونها. وقال الأوزاعى: إن كانت الكفارة بالصيام كان على كل واحد منهما صوم شهرين واحتجوا بأن قول الرجل أصبت أهلى سؤال عن حكمه وحكمها، لأن الإصابة معناها أنه واقعها وجامعها "وإذا كان هذا قد حصل منهما" ثم أجاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المسألة فأوجب فيها كفارة واحدة على الرجل، ولم يعرض لها بذكر "دل على أنه لا شئ عليها" وأنها مجزئة فى الأمرين معا، ألا ترى أنه بعث أنيسا إلى المرأة التى رميت بالزنى وقال: إن اعترفت فارجمها، فلم يهمل حكمها لغيبتها عن حضرته، فدل على أنه لو رأى عليها كفارة لألزمها ذلك ولم يسكت عنها (قلت) وهذا غير لازم، وذلك أن هذا حكاية حال لا عموم لها، وقد يمكن أن تكون المرأة مفطرة بعذر من مرض أو سفر أو تكون مكرهة أو ناسية لصومها أو نحو

<<  <  ج: ص:  >  >>