المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. وحديث الباب لو صح يكون كغيره فلا يدل إلا على عقوبة مانع الزكاة بخصوصه لا غير. ولا يلحق بالزكاة غيرها لأنه قياس في مقابلة النص القاطع الدال على حرمة مال المسلم ودمه. وقد خالف هذه الأدلة القطعية أكثر أولى الأمر في هذا العصر واسترسلوا في العقوبة بالأموال استرسالًا ينكره العقل والشرع، وأكثرهم جهال لا يعرفون شيئًا من أمر الدين. لا همّ لهم إلا قبض المال من كل من لهم عليه ولاية، ويدعون إنه من باب التأديب ولايصرفونه إلا في حاجاتهم. وكل هذا حرام معلوم حرمته من الدين بالضرورة فإنه من أكل أموال الناس بالباطل. وقد شب عليه الصغير وشاب عليه الكبير واستحكم الأمر ولا منكر ولا مزيل لهذا الشر فلا حول ولا قوة إلا باللهِ
(قوله عزمة من عزمات ربنا) عزمة منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف أي عزم الله علينا ذلك عزمة. ويجوز رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي ذلك عزمة. والعزمة في اللغة الجد في الأمر. والمراد بها هنا الحق الواجب. وعزمات الله حقوقه وواجباته
(قوله ليس لآل محمَّد منها شيء) أي أن الزكاة حق من حقوق الله تعالى ليس لآل محمَّد فيها نصيب
(فقه الحديث) دل الحديث على أنه لا زكاة في المعلوفة. وعلى نهي الخليطين عن تفريق الإبل رغبة في عدم الصدقة أو قلتها. وعلى الترغيب في إخلاص النية في إعطائها ابتغاء مرضاة الله تعالى. وعلى أنه يجوز للإمام أن يأخذ الزكاة قهرًا إذا امتنع من أدائها رب المال. وحينئذ يكتفي بنية الإِمام أو نائبه وتجزئ من هي عليه وإن فاته الأجر. وعلى أن ولاية قبض الزكاة إلى الإِمام أو نائبه. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي. وعلى أنه يجوز للإمام أن يعاقب بأخذ المال وتقدم ما فيه. وعلي أن الزكاة لا تحل لآل النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي وفي سنده بهز بن حكيم وهو متكلم فيه كما تقدم