للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن النفوس مجبولة على حب المال، أو محمول على ما إذا ترتب على عدم إجابة طلب الساعي فتنة

(قوله فما دون خمس وعشرين الخ) الجار والمجرور خبر مقدم والغنم مبتدأ مؤخر أي أن الغنم يجب إخراجها زكاة فيما هو أهل من خمس وعشرين من الإبل. وهذا مجمل فصله بقوله: في كل خمس ذود شاة أي في كل خمس من الإبل شاة وفي العشر شاتان وفي الخمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه. وبدأ في الحديث بالإبل لأنها كانت جل أموالهم وأنفسها حينئذ.

وبهذا احتج مالك وأحمد على تعين إخراج الغنم في أقل من خمس وعشرين من الإبل، فلو أخرج المالك بعيرًا عن أربع وعشرين من الإبل لم يجزه عندهما. وذهب الجمهور إلى الإجزاء لأنه يجزئ عن خمس وعشرين فما دونها أولى، لأن الأصل وجوب الزكاة من جنس المال. وإنما عدل عنه هنا رفقًا بالمالك. فإذا رجع باختياره إلى الأصل أجزأه هكذا قالوا. والحديث ظاهر فيما ذهب إليه مالك وأحمد

(قوله ففيها بنت مخاض) وهي ما أوفت سنة ودخلت في الثانية. والمخاض بفتح الميم النوق الحوامل لا واحد لها من لفظها بل من معناها وهو خلفة. وأضيفت إلى المخاض وهو اسم للنوق لمجاورة أمها له وإلا فهي بنت ناقة واحدة. وسميت بذلك لأن أمها تصير في الغالب ذات مخاض أي حمل بأخرى. فإن العرب كانت تحمل الفحول عل الإبل بعد وضعها بسنه.

فإذا حملت في السنة الثانية تمخض جنينها في بطنها فإذا سعى ولدها خلفها والحاله هذه سمي ابن مخاض. وهذا بالنظر للشأن والغالب وإلا فهو يسمى ابن مخاض وإن لم تحمل أمه بالفعل. وهذا مذهب الجمهور وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن علي رضي الله عنه أن في الخمس والعشرين خمس شياه فإذا صارت ستًا وعشرين كان فيها بنت مخاض. روي عنه هذا مرفوعًا وموقوفًا، وإسناد المرفوع ضعيف: قال سفيان الثوري. وهذا غلط وقع من رجال علي رضي الله عنه فإنه كان أفقه من أن يقول هكذا لأن فيه موالاة بين الواجبين بلا وقص بينهما وهو خلاف أصول الزكاة

(قوله فابن لبون ذكر) ما أوفى سنتين ودخل في الثالثة. سمي بذاك لأن أمه تكون ذات لبن ترضع به آخر

(وعلم منه) أن المصدق إذا لزمه بنت مخاض ولم توجد عنده يدفع للساعي ابن لبون جعلا لزيادة السن مقابلًا بزيادة الأنوثة. وهذا متعين عند مالك والشافعي وهو رواية عن أبي يوسف أخذًا بظاهر الحديث. وذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أنه لا يتعين أخذ ابن لبون عند فقد بنت المخاض بل العبرة بالقيمة. قال في فتح القدير كان ابن اللبون يعدل بنت المخاض إذ ذاك جعلا لزيادة السن مقابلًا بزيادة الأنوثة فإذا تغير تغير اهـ

فلو عينا أخذ ابن اللبون من غير اعتبار القيمة لأدى إلى الإضرار بالفقراء أو الإجحاف بأرباب الأموال

(قوله ففيها حقة طروقة الفحل) الحقة بكسر الحاء ما أوفت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة جمعها حقق مثل سدرة وسدر وجمع الذكر حقاق. سميت بذلك لاستحقاقها طرق الفحل. فقوله طروقة الفحل أي مطروقته وصف كاشف

<<  <  ج: ص:  >  >>