للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو بمكانه لأمثلن بسبعين منهم, قال فما برح حتى نزلت "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به, ولئن صبرتم لهو خير للصابرين" فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بل نصبر, وكفر عن يمينه قال ابن عبد البر وقال كثير بن زيد بن عبد المطلب بن حنطب: لما كان يوم أحد جعلت من هند بنت عتبة والنساء معها يجدعن أنف المسلمين ويبقرن بطونهم ويقطعن الآذان إلا حنظلة فإن أباه كان مع المشركين, وبقرت هند عن بطن حمزة فأخرجت كبده وجعلت تلوك كبده ثم لفظتها فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "لو دخل بطنها لم تدخل النار" قال ولم يمثل بأحد ما مثل بحمزة اهـ

(قوله لولا أن تجد صفية الخ) أي لولا أن تحزن صفية عليه لتركته بلا دفن حتى تأكله السباع والطير فيحشر من بطونها يقال: وجد بالكسر وجدًا إذا حزن

(وصفية) أخت حمزة بنت عبد المطلب أسلمت وهاجرت وهي أم الزبير بن العوام توفيت في خلافة عمر رضي الله تعالى عنهما, والعافية السباع والطير التي تقع على الجيف فتأكلها, وفي رواية الحاكم والبيهقي لولا أن تجد صفية تركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع، وهذا مشكل بما تقرر في الشريعة من وجوب دفن الميت وندب التعجيل بمواراته. إلا أن يقال إن هذا خصوصية لحمزة رضي الله عنه لمزية علمها النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(قوله فكان الرجل والرجلان والثلاثة يكفنون في الثوب الواحد) إما يجمعهم فيه أو تقطيعه بينهم لضرورة قلة الثياب وكثرت الموتى, ولا يلزم من جمعهم في ثوب واحد تلاقي بشرتهم لاحتمال أنه كان يفصل بينهم بنحو إذخر

(قوله زاد قتيبة إلخ) أي زاد قتيبة في روايته أنهم كانوا يدفنون في قبر واحد وذلك للضرورة أيضًا, وأما في حالة السعة فلا يجوز تكفين الرجلين في ثوب واحد ولا دفنهما في قبر واحد وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقدم في اللحد إلى جهة القبلة أكثرهم حفظًا للقرآن إكرامًا له

(فقه الحديث) دل الحديث علي جواز تكفين الجماعة في الثوب الواحد للضرورة وكذا دفن الجماعة في القبر الواحد وعلى مزيد شرف حامل القرآن

(والحديث) أخرجه أيضًا الترمذي عن أنس قال: أتي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على حمزة يوم أحد فوقف عليه فرآه قد مثل به فقال: لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية حتى يحشر يوم القيامة من بطونها ثم دعا بنمرة (أي كساء خلق) فكفنه فيها فكانت إذا مدت على رأسه بدت رجلاه, وإذا مدت على رجليه بدًا رأسه, فكثر القتلى وقلت الثياب, فكفن الرجل والرجلان والثلاثة في الثوب الواحد, ثم يدفنون في قبر واحد, فجعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يسأل عنهم أيهم أكثر قرآنًا؟ فيقدمه إلى القبلة فدفنهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يصل عليهم. قال الترمذي حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>