تأويله أن القبلة التي أمر الله عزّ وجلّ بالتوجه إليها في الصلاة قبل وجهه فليصلها عن النخامة وفيه إضمار وحذف واختصار كقوله تعالى "وأشربوا في قلوبهم العجل" أى حبّ العجل. وإنما أضيفت تلك الجهة إلى الله تعالى على سبيل التكرمة كما قيل بيت الله وكعبة الله تعالى اهـ (وقال) المازرى لما كانت القبلة دليلا على أن قاصدها موحد كانت علامة على التوحيد. والمصلى يتقرّب إلى الله تعالى بالتوجه إليها فهو محل معظم. فالمعنى فإن الجهة المعظمة قبل وجهه فلا يقابلها بالبصاق الذى جرت به العادة أن لا يقابل به إلا الحقير المهان ولذا قال أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخم في وجهه اهـ
(قوله إذا صلى) أى إذا دخل في الصلاة. ونصّ في الحديث على النهى عن البصاق قيل وجهه حال الصلاة لفضيلة تلك الحال على سائر الأحوال، وإلا فالبصاق إلى جهة القبلة ممتنع مطلقا في الصلاة وغيرها وفى المسجد وغيره كما تقدم عن ابن حجر خلافا لمن خصه بقبلة المسجد أو حال الصلاة كما تقدم بيانه (وقال الباجى) يحتمل أن يكون خصّ بذلك حال الصلاة لأنه حينئذ يكون مستقبل القبلة وفى سائر الأحوال قد تكون عن يساره وهي الجهة التى أمر بالبصاق إليها اهـ
(قوله فلا يبزق بين يديه) أى أمامه. وفى نسخة فلا يبزقن. وفى أخرى زيادة "قال أبو داود رواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب عن نافع ومالك وعبيد الله وموسى بن عقبة عن نافع نحو حماد إلا أنهم لم يذكروا الزعفران. ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه وذكر يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع الخلوق"
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب إزالة ما يستقذر من المسجد، وعلى أنه ينبغى للإمام أن يتفقد أحوال المساجد لتعظيمها وصيانتها عن الأقذار، وعلى الحثّ على الاستكثار من الحسنات وإن كان المستكثر رفيع المقام كثير الحسنات، وعلى تعظيم تواضعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وعلى أنه يطلب ممن رأى منكرا أن يغيره، وعلى مشروعية الغضب عند رؤية المنكر، وعلى مشروعية جعل الزعفران ونحوه في المساجد إن دعت الحاجة إليه، وعلى طلب احترام جهة القبلة فلا يستخفّ بها ببزاق أو نحوه
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والنسائى ومالك في الموطأ