للبخاري بصيغة الأخبار وفي رواية له أيضًا أقصرت الصلاة بالاستفهام واستفهموا لجواز النسخ
(قوله فهاباه أن يكلماه الخ) أي بما وقع له من نقصان الصلاة إعظامًا له لما ظهر عليه من أثر الغضب وأما ذو اليدين فغلب عليه حرصه على العلم فسأله. وكان رسول الله صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يلقبه بذلك لطول في يديه حقيقة لما في رواية مسلم بلفظ وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين. ويحتمل أن يكون كناية عن طولهما بعمل الخير والسخاء كما ذكره القرطبي (وقال) ابن قتيبة لأنه كان يعمل يديه جميعًا. واسم ذى اليدين الخرباق كما في رواية لمسلم عن عمران بن حصين. وعليه أكثر العلماء (وقال) الطيبى الخرباق لقب له واسمه عمير
(قوله لم أنس ولم تقصر) كذا في أكثر الطرق وهو صريح في نفي النسيان والقصر وفي رواية لمسلم كل ذلك لم يكن. وأخبر بذلك على اعتقاده لا بحسب نفس الأمر
(قوله بل نسيت) أثبت ذو اليدين النسيان لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما نفى الأمرين وكان مقرّرًا عند الصحابي أن السهو غير جائز عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيما أمر بتبليغه جزم بوقوع النسيان لا بوقوع القصر لأنه مما أمر بتبليغه فلا ينساه (وفيه دليل) على جواز السهو عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الأفعال الشرعية (قال) ابن دقيق العيد وهو مذهب عامة العلماء والنظار وهذا الحديث مما يدل عليه وقد قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حديث ابن مسعود الآتي إنما أنا بشر أنسى كما تنسون (وشذّت) طائفة من المتوغلين فقالو لا يجوز السهو عليه وإنما ينسى عمدًا ويتعمد صورة النسيان ليسنّ (وهذا باطل) لإخباره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه ينسى ولأن الأفعال العمدية تبطل الصلاة ولأن صورة الفعل النسياني كصورة الفعل العمد وإنما يتميزان للغير بالإخبار فلا يتمّ ما قالوه إلا أن يتمايز الفعلًان بأنفسهما. ومن أجازوا السهو عليه قالوا لا يقرّ عليه اتفاقًا بل يقع له بيانه إما متصلًا بالفعل كما في هذا الحديث أوبعده (وفائدته) بيان الحكم الشرعى إذا وقع مثله لغيره (أما القول) فنقل القاضي عياض والنووي الإجماع على عدم جواز السهو عليه فيما طريقه البلاغ منها (وما ليس) طر يقه البلاغ من الأقوال الدنيوية والأخبار التي لا مستند الأحكام إليها ولا ما تضاف إلى وحي فقال جماعة يجوز النسيان عليه فيها إذ ليس من باب التبليغ الذي يتطرّق به إلى القدح في الشريعة (قال القاضي) عياض والحق الذي لا مرية فيه ترجيح قول من لم يجز ذلك على الأنبياء في خبر من الأخبار كما لم يجيزوا عليهم فيها العمد فإنه لا يجوز عليهم خلف في خبر لا عن قصد ولا سهو ولافى صحة ولا مرض ولا رضا ولا غضب اهـ
وهذا كله مبني على أن النسيان والسهو بمعنى وهو الذهول عن الشيء تقدمه ذكر أولم يتقدّمه أما من فرق بينهما فجعل السهو ما ذكر والنسيان لابدّ أن يتقدمه ذكر فقال يمتنع السهو عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الأقوال البلاغية وغيرها ويجوز عليه في الأفعال مطلقًا