أحمد وسنة عند أبى حنيفة. ولو اعتكف فى المسجد لا تقام فيه جماعة, لأدى إما إلى ترك الجماعة الواجبة أو المسنونة على سبيل التأكيد, وإما إلى خروجه إلى الجماعة كثيرا وذلك مناف للاعتكاف واستدلوا بما رواه الطبرانى عن إبراهيم النخعى أن حذيفة قال لابن مسعود: ألا تعجب من قوم بين دارك ودار أبى موسى يزعمون أنهم عكوف؟ فقال ابن مسعود فلعلهم أصابوا وأخطأت أو حفظوا ونسيت. فقال حذيفة: أما أنا فقد علمت أنه لا اعتكاف إلا فى مسجد جماعة. وروى ابن أبى شيبة وعبد الرزاق فى مصنفيهما عن على: لا اعتكاف إلا فى مسجد جماعة. وروى عن أبى حنيفة أنه لا يجوز الاعتكاف إلا فى مسجد يصلى فيه الصلوات الخمس. وعن أبى يوسف أن الاعتكاف الواجب لا يجوز فى غير مسجد جماعة. وأما غير الواجب فيجوز فى المسجد وفى غيره. وقال مالك يصح الاعتكاف فى كل مسجد مباح لعموم الناس إلا إن نوى أياما فيها الجمعة فيجب أن يكون فى مسجد تقام فيه الجمعة. فلا يصح الاعتكاف فى مساجد البيوت. وقالت الشافعية لا يجوز الاعتكاف إلا فى المسجد. والأفضل أن يكون فى المسجد الجامع. وقال ابن حزم يجوز فى كل مسجد جمعت فيه الجمعة أو لم تجمع سواء كان مسقفا أو مكشوفا, فإن كان لا يصلى فيه جماعة ولا له إمام لزمه الخروج لكل صلاة إلى مسجد يصلى فيه جماعة إلا أن يبعد منه بعدا يكون عليه فيه حرج فلا يلزمه اهـ وقال الزهرى والحكم لا يصح الاعتكاف إلا فى المسجد الجامع: وحكى ابن المنذر عن حذيفة أنه لا يصح الاعتكاف إلا فى أحد المساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوى والمسجد الأقصى. وعن عطاء أنه لا يكون إلا فى مسجد مكة والمدينة. وعن ابن المسيب لا اعتكاف إلا فى مسجده صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وهذا تخصيص بلا مخصص. وعن الشعبى أن الرجل يعتكف فى مسجد بيته "وما ذهب" إليه ابن حزم من تعميم المساجد "هو الظاهر" لعموم قوله تعالى {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}. وهذا كله فى حق الرجل, وأمّا المرأة فقال مالك والشافعى وأحمد لا تعتكف إلا فى مسجد مباح لعموم الناس, وليس لها أن تعتكف فى مسجد بيتها. وبه قال ابن حزم. وعن أبى حنيفة إن اعتكفت فى مسجد الجماعة جاز واعتكافها فى مسجد بيتها أفضل. قال فى الكفاية وهو الصحيح, لأن مسجد الجماعة يدخل فيه كل أحد وهى طول النهار لا تقدر أن تكون مستترة ويخاف عليها الفتنة من الفسقة اهـ لكن إذا خيف عليها الفتنة امتنع اعتكافها فى المسجد المباح للناس اتفاقا. ومسجد بيتها المكان المهيأ لصلاتها فيه (فائدة) قال ابن قدامة الحنبلى فى المغنى ويجوز للمعتكف صعود سطح المسجد لأنه من جملته, ولهذا يمنع الجنب من اللبث فيه. وهذا قول أبى حنيفة ومالك والشافعى ولا نعلم فيه مخالفا. ويجوز أن يبيت فيه. وظاهر كلام الخرقى أن رحبة المسجد ليست منه, وليس للمعتكف الخروج إليها, لقوله فى الحائض يضرب لها خباء فى الرحبة والحائض ممنوعة من المسجد. وقد روى عن أحمد ما يدل على هذا, وروى عنه المروزى أن المعتكف