للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الساعي والحافظ لها، فيعطى كل بقدر عمله لأنه فرغ نفسه لعمل من أعمال المسلمين فيستحق الأجركالغزاة والقضاة، ولذا جوزوا لطالب العلم أن يأخذ من الزكاة ولو كان غنيًا إذا فرغ نفسه لإفادة العلم واستفادته ولم يكن له مرتب يستحقه في بيت المال. ويشترط في العامل كما قال الفقهاء أن يكون ذكرًا حرًا بالغًا مسلمًا عدلًا غير هاشمي، أما اشتراط الذكورة والحرية والبلوغ والعقل فلأن ذلك ضرب من الولاية، والولاة يشترط فيهم ذلك. ولأن الخائن يذهب بمال الزكاة ويضيعه. وأما كونه مسلمًا فلأن فيها ولاية على المسلمين فاشترط لها الإِسلام كسائر الولايات، ولأن الكافر ليس بأمين، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تأمنوهم وقد خونهم الله. وأنكر على أبي موسى تولية النصراني الكتابة، فالزكاة التي هي من أركان الإِسلام أولى. وأما كونه غير هاشمي فلأنه من آل البيت وقد منعهم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أخذهم الزكاة. فقد روى أحمد ومسلم مختصرًا عن المطلب بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب أنه والفضل بن عباس انطلقا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم قال: ثم تكلم أحدنا فقال: يا رسول الله جئناك لتؤمرنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة ونؤدي إليك ما يؤدي الناس فقال: إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمَّد، إنما هي أوساخ الناس. وسيأتي تمام الكلام على ذلك في "باب الصدقة على بني هاشم" إن شاء الله تعالى.

وقال الخرقي من الجنابة لا يشترط إسلام العامل لأن ما يأخذه أجرة عمل فجاز أن يتولاه الكافر كجباية الخراج. وقال بعض الحنابلة لا يشترط أن يكون من غير أقاربه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأن ما يأخذه أجرة على عمل جائز للغنى فجازت لذوي القربى كأجرة النقال. لكن يرده حديث الفضل السابق فإنه ظاهر في تحريم أخذهم لها عمالة فلا تجوز مخالفته. وقد علمت أنها ولاية على المسلمين فلابد فيها من الإِسلام.

واختلف فيما يعطاه العامل. فقال أبو حنيفه وأصحابه يعطيه الإِمام كفايته منها لأن ما يعطاه إنما يستحقه بطريق العمالة لا بطريق استحقاق الزكاة لأنه يعطى وإن كان غنيًا بالإجماع، ولو كان ذلك صدقة لما حلت له غنيًا، وهذا إن لم تستغرق كفايته الزكاة فإن استغرقها لا يزاد على نصفها. وقال الشافعي يعطيه الإِمام ثمن الصدقة لأن الله تعالى قسم الصدقات على الأصناف الثمانية ومنهم العامل فكان له الثمن. ورد بأنه لا قسمة في الآية بل فيها بيان مصارف الصدقات فقط. وقال مالك يعطى بقدر عمله وإن استغرق ما جمعه

(قوله أو لغارم) المراد به من تحمل دينًا لا لنفسه في غير معصيه بل لإصلاح ذات البين فيعطى من الصدقه ما يؤدي به هذا الدين وإن كان غنيًا فلا يكلف بسداده من ماله. وقيل الغارم الذي عليه دين أكثر من ماله. وأما المدين الذي تداين لنفسه وليس عنده ما يفي بدينه فيعطى لفقره ولا يدخل في أكثر من ماله. وأما المدين الذي تداين لنفسه وليس عنده ما يفي بدينه فيعطى لفقره ولا يدخل في الحديث

(قوله أو الرجل اشتراها بماله) أي اشترى الزكاة من المتصدق عليهم بماله. أما شراؤه

<<  <  ج: ص:  >  >>