للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ثلاثا، والظاهر ترجيح الثلاث لقوّتها بكثرة طرقها المعوّل عليها "ولا" يقال يحمل فعل المرّتين والثلاث على واقعتين "لأن" المخرج واحد والأصل عدم تعدّد الواقعة، وقد ذكر مسلم من طريق بهز عن وهيب أنه سمع حديث الثلاث مرتين من عمرو بن يحيى إملاء فتأكد ترجيح روايته

(قوله ثم تمضمض واستنثر ثلاثا) ثم هنا للترتيب في الحكم خلافا لمن قال إنها للترتيب في الإخبار ولمن قال إنها بمعنى الواو، والاستنثار يستلزم الاستنشاق بلا عكس وقد يطلق الاستنثار على الاستنشاق، وفى رواية للبخارى ثم تمضمض واستنثر ثلاثا بثلاث غرفات

(قوله ثم غسل يديه مرّتين مرّتين) أى أفرد كل واحدة منهما بالغسل مرّتين وكرّر مرتين لئلا يتوهم أن المرّتين لكلتا اليدين لكل مرة واحدة فالتكرار للتأسيس لا للتوكيد لأن المنقول في العربية أن أسماء الأعداد والمصادر والأجناس إذا كرّرت كان المراد حصولها مكرّرة لا التأكيد فإنه قليل الفائدة ولا يحسن حيث يكون للكلام محمل غيره، ولم تختلف الروايات عن عمرو ابن يحيى في غسل كل يد مرّتين لكن في رواية مسلم من طريق حبان بن واسع عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ وفيه وغسل اليمنى ثلاثا ثم الأخرى ثلاثا فيحمل على أنه وضوء آخر لكون مخرح الحديثين غير واحد، وعلى فرض اتحاد الواقعة فرواية التثليث أرجح لكثرة الروايات فيها مع قوّتها (قال) النووى في شرح مسلم فيه دلالة على جواز مخالفة الأعضاء وغسل بعضها ثلاثا وبعضها مرّتين وهذا جائز والوضوء على هذه الصفة صحيح بلا شك ولكن المستحب التثليث وإنما كانت مخالفتها من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بعض الأوقات بيانا للجواز كما توضأ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرّة مرّة في بعض الأوقات بيانا للجواز وكان في ذلك الوقت أفضل في حقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأن البيان واجب عليه "فإن قيل" البيان يحصل بالقول "قلنا" بالفعل أوقع في النفوس وأبعد من التأويل اهـ

(قوله فأقبل بهما وأدبر) قد اختلف في كيفية الإقبال والإدبار على ثلاثة أقوال (الأول) أن يبدأ بمقدّم رأسه الذى يلى الوجه فيذهب إلى القفا ثم يردّهما إلى المكان الذى بدأ منه وهو مبتدأ الشعر من حدّ الوجه وهذا هو ظاهر قوله بدأ بمقدّم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه الخ وهو مذهب مالك والشافعى وفيه أن هذه الصفة تخالف ظاهر قوله فأقبل بهما وأدبر لأن ذهابه إلى جهة القفا إدبار ورجوعه إلى جهة الوجه إقبال "وأجيب" بأجوبة منها أن الواو لا تقتضى الترتيب فالتقدير أدبر وأقبل، يدلّ عليه قول المصنف بدأ بمقدم رأسه الخ "وما" رواه البخارى عن عبد الله بن زيد وفيه تم أخذ بيده ماء فمسح به رأسه فأدبر به وأقبل "ومنها" أن الإقبال والإدبار من الأمور الإضافية التي تنسب إلى ما يقبل إليه ويدبر عنه والمؤخر محلّ يمكن أن ينسب إليه الإقبال والإدبار "ومنها" حمل قوله أقبل على البداءة بالقبل وأدبر على البداءة بالدّبر

<<  <  ج: ص:  >  >>