للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد. وقوله أتاكم ما توعدون الخ. أي جاءكم ما وعدكم الله تعالى من الثواب مجملًا وأنتم مؤجلون باعتبار حصوله يوم القيامة مفصلًا:

ومنها ما رواه مسلم عنها أيضًا قالت: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم؟ قلنا بلى. قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيها عندي انقلب فرضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدًا، وانتعل رويدًا، وفتح الباب رويدًا، فخرج ثم أجافه رويدًا، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع فأقام فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت "من الإحضار وهو العدو" فسبقته فدخلت. فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال مالك يا عائش حشيا "نفسك متتابع" رابية "مرتفعة البطن" قلت لا بي شيء. قال لتخبرنّي أو ليخبرني اللطيف الخبير، قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته، قال فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت نعم، فلهدني "دفعني" في صدري لهدة أوجعتنى ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله. نعم، قال فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك، فأجبته فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت، فكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشي، فقال إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت قلت كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون.

ومنها ما أخرجه ابن ماجه عنها أيضًا قالت: فقدته تعني النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإذا هو بالبقيع. فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم.

وعن الحسن البصري قال: من دخل المقابر فقال: اللهم رب الأجسام البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، أدخل عليها روحا "بفتح فسكون رحمة" منك وسلامًا مني، استغفر له كل مؤمن مات منذ خلق الله آدم. رواه ابن أبي شيبة.

وصفة الزيارة المشروعة كما أفاده النووي أن يخرج الشخص متواضعًا مراقبًا لله تعالى معتبرًا بمن تقدمه من الموتى قاصدًا وجه الله تعالى ونفع الميت بالسلام عليه والدعاء له، فإذا وصل القبر استقبل الميت واستدبر القبلة وسلم ودعا بما شاء مما تقدم من الأحاديث قائمًا كما كان يفعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عند الخروج إلى البقيع. ولا بأس بالجلوس إذا كان لضرورة. وليحذر مما اعتاده بعض الجهلة من التمسح بالقبر وتقبيله والطواف حوله ودعاء صاحب القبر

<<  <  ج: ص:  >  >>