للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للملفعول على حدّ قولهم سرّ كاتم أى مكتوم وعيشة راضية أى مرضية أى اتقوا الفعلين الملعون فاعلهما ويحتمل أن يكون المراد بهما الأسباب الموجبة للعن وهي قضاء الحاجة في طريق الناس أو ظلهم لأن من فعل هذا سُبّ ولُعن عادة فهو من باب المجاز العقلى على كلا الاحتمالين

(قوله وما اللاعنان) الواو عاطفة على محذوف فكأنهم قالوا سمعنا وأطعنا وما اللاعنان يا رسول الله

(قوله قال الذى يتخلى الخ) أى قال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مجيبا لهم أحدهما الذى يتخلى في طريق الناس وثانيهما الذى يتخلى في ظلهم هذا على أن المراد باللاعنين الملعونان وأما على أن المراد بهما الأسباب الموجبة للعن فيكون الكلام على تقدير مضاف أى أحدهما تخلى الذى يتخلى في الطريق والثانى تخلى الذى يتخلى في الظلّ ويتخلى من التخلى وهو التفرّد لقضاء الحاجة من غائط أو بول. وإلى التعميم في الحاجة ذهب الأكثر وهو الظاهر من الحديث لأن التأذى بالرائحة والاستقذار والتنجس يحصل بهما وذهب النووى إلى أن المراد بالتخلى التغوّط فقط ولعل وجهه أن التضرر في الغائط محقق بخلاف البول فقد لا يحصل به التضرر

(قوله في طريق الناس) الطريق فعيل بمعنى مفعول أى مطروق وسمى موضع المرور به لطرقه بالأرجل والحوافر وتذكر في لغة نجد وبها جاء القرآن فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا وتؤنث في لغة الحجاز تقول الطريق سلكته وسلكتها وجمعه طرق وأطرق وأطرقة والمراد بها المسلوكة غالبا لا المهجورة

(قوله أو ظلهم) قال في النهاية الظل الفئ الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس أىّ شئ كان وقيل هو مخصوص بما كان منه إلى زوال الشمس وما كان بعده فهو الفئ اهـ وهو عام يتناول، كل ظل وعومه ليس مرادا بل هو مخصوص بما يتخذ مقيلا ومنزلا ينزلونه يؤيده ما في رواية أحمد أو ظل يستظل به وما ورد من أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قعد لحاجته تحت حائش من النخل وللحائش لا محالة ظل والحاثش النخل الملتف المجتمع

(فقه الحديث) دلّ الحديث على تحريم قضاء الحاجة فيما ذكر من المواضع لما فيه من إيذاء المسلمين بالتنجيس والاستقذار والنتن. وإليه ذهب النووى والرافعى من الشافعية وقال المناوى قال الذهبى إنه من الكبائر وعدّه ابن حجر في الزواجر من الكبائر وذهب جماعة إلى الكراهة والظاهر الأول نظرا للنهى المستفاد من الأمر في الحديث ولحديث من سلّ سخيمته على طريق عامر من طرق المسلمين فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين رواه البيهقى والطبرانى في الأوسط عن أبى هريرة بسند رجاله ثقات وفيه محمد بن عمرو الأنصارى وثقه ابن معين والسخيمة بفتح السين المهملة العذرة. ولحديث من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم رواه الطبرانى بإسناد حسن واللعنة من أمارات التحريم. ومحل الخلاف إذا كانت تلك المواضع

<<  <  ج: ص:  >  >>