ولما فرغ من بيان المواقيت التى هي سبب وقت الصلاة شرع في بيان الأذان فقال
[باب بدء الأذان]
أى في بيان سبب بدء الأذان، وهو اسم مصدر أذن يؤذن قال في المصباح أذن المؤذن بالصلاة أعلم بها "قال" ابن برّى وقولهم أذن العصر بالبناء للفاعل خطأ والصواب أذن بالعصر بالبناء للمفعول مع حرف الصلة. والأذان لغة الإعلام بالشئ. وشرعا إعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة. وهو مشروع للصلوات الخمس بالإجماع. وسبب مشروعيته ما ذكر في الحديث وقدّم عليه بيان المواقيت لما فيها من معنى السببية. وكان بدء مشروعية الأذان بالمدينة على ما هو الصحيح لما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر قال كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات ليس ينادى للصلاة فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا الخ وفيه فقال عمر أولا تبعثوا رجلا ينادى بالصلاة فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قم يا بلال فناد بالصلاة. ولما في روايات الباب من أنه رواه عبد الله بن زيد وهو من الأنصار (وقد وردت) أحاديث تدلّ على أنه شرع بمكة قيل الهجرة (منها) ما رواه الطبراني من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال لما أسرى بالنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أوحى الله إليه الأذان فنزل به فعلمه بلالا وفى إسناده طلحة بن زيد وهو متروك (وما رواه) الدارقطني في الأطراف من حديث أنس أن جبريل أمر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالأذان حين فرضت الصلاة وإسناده ضعيف أيضا (وما رواه) ابن مردويه من حديث عائشة مرفوعا لما أسرى بى أذن جبريل فظنت الملائكة أنه يصلى بهم فقدمنى فصليت وفيه من لا يعرف
(وما رواه البزّار) وغيره من حديث عليّ قال لما أراد الله تعالى أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبريل بدابة يقال لها البراق فركبها "فذكر الحديث" وفيه إذ خرج ملك من وراء الحجاب فقال الله أكبر الله أكبر وفى آخره ثم أخذ الملك بيده فأمّ بأهل السماء وفي إسناده زياد بن المنذر أبو الجارود وهو متروك أيضا. والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث (وقد جزم) ابن المنذر بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلى بغير أذان منذ فرضت الصلاة بمكة وإلى أن هاجر إلى المدينة وإلى أن وقع التشاور في ذلك على ما في حديث عبد الله بن عمر ثم حديث عبد الله بن زيد (وقد حاول) السهيلى الجمع بينهما فقال بانيا على صحة الحكمة في مجئ الأذان على لسان الصحابى إن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سمعه فوق سبع سماوات وهو أقوى من الوحى فلما تأخر الأمر بالأذان عن فرض الصلاة وأراد إعلامهم بالوقت فرأى الصحابى المنام فقصها فوافقت ما كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سمعه فقال إنها لرؤيا حقّ وعلم حينئد أن مراد