للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كإصتبته بالسم لا فرق بينهما, وقد ثبت في الصحيحين عن عائشه أنها قالت سحر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم "الحديث" اهـ إذا علمت ما تقدم تعلم رد ما قاله بعض المفسرين من أن الحديث معارض لقوله تعالى (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا) وليس الأمر كما قال فإن المشركين قالوا في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه مسحورًا أي مجنون فما يصدر عنه هذيان فلا يعول عليه فنزلت الآية مكذبة لهم ومشنعة عليهم وصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا "وما يفيده" حديث عائشه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سحر "كان" من قبيل الأمراض المتعلقة بظاهر البدن ولم تصل عقله وقلبه كما علمت فليس الحديث من قبيل مقالة المشركين كما قاله ذلك المفسر فهو غير معارض للآيه "فما أفاده كلامه"من أن الآية من قبيل المتواتر المقطوع به والحديث من قبيل الآحاد فيطرح العمل به ويعمل بالآيه "محله إذا لم" يمكن الجمع بينهما أما إذا أمكن كما هنا فيجب العمل بكل منهما

(فائده) السحر في اللغة مصدر سحر يسحر فتح العين فيهما إذا أبدى ما يدق ويخفى وهو من المصادر الشاذة ويستعمل فيما لطف وخفي سببه, والمراد به أمر غريب يشبه الخارق للعادة وليس به: إذ يحصل بالتعليم ويستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان بارتكاب القبائح (قولًا) كالرقى التي فيها ألفاظ الشرك ومدح الشيطان وتسخيره (وعملًا) كعبادة الكواكب والتزام الجنابة وانواع الفسوق (واعتقادًا) كاستحسان ما يوجب التقرب إلى الشيطان ومحبته وذلك لا يتسبب إلا فيمن يناسبه في الشر وخبيث النفس فان التناسب شرط التوافق والتعاون فكما أن الملائكه لا تعاون إلا خيار الناس المشبهين لهم في المواظبة على العبادة والتقرب إلى الله تعالى في القول والفعل كذلك الشيطان لا تعاون إلا الأشرار المشبهين لهم في الخباثة والنجاسة قولًا وفعلًا واعتقادًا, وبهذا يتميز الساحر عن النبي والولي فلا يرد ما قاله المعتزلة من أنه لو أمكن للإنسان من جهه الشيطان ظهور الخوارق والإخبار عن المغيبات لاشتبه طريق النبوة بطريق السحر

(وفسر) الجمهور السحر بأنه أمر خارق للعادة يظهر للعادة يظهر من نفس شريرة بمباشرة أعمال مخصوصة

(ومذهب أهل السنة) أن له وجودًا وحقيقة وأن العمل به كفر إذا اعتقد أن الكواكب هي المؤثرة في قلب الأعيان. وروي عن الشافعي أن قال السحر يخبل ويمرض , وقد يقتل حتى أوجب القصاص على من قتل به, والأصح أن السحر يخبل ويؤثر في الأبدان بالأمراض والجنون والموت فالسحر بمنزله العلل في الأبدان, وأنه قد يبلغ الساحر إلى حيث يطير في الهواء ويمشي على الماء ويقتل النفس والفاعل الحقيقي في كل ذلك هو الله سبحانه وتعالى بتمكين الساحر من فلق البحر وإحياء الموتى وإنطاق العجماء وغير ذلك من آيات الرسل عليهم الصلاة والسلام.

(وأنكر) المعتزلة وبعض أهل السنة حقيقتة وقالوا إنما هو خيلالات

(وقد اختلف) العلماء في حكم العمل بالسحر: فالأكثرون على أنه كفر حتى قال العلامه التفتازاني

<<  <  ج: ص:  >  >>