الكلام في الصلاة وتحريمه فيها (ويدل) على النسخ أيضًا بقية أحاديث الباب.
وما وواه البخاري وغيره وسيأتي للمصنف عند زيد بن أرقم قال كان أحدنا يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة فنزلت "وقوموا لله قانتين" فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام
(ولا خلاف) بين أهل العلم أن من تكلم في صلاته عامدا فسدت صلاته لا فرق بين قليل الكلام وكثيره إلا لمصلحة الصلاة كما قاله ابن المنذر
(واختلف) في كلام الناسي والساهى فقال الثوري وابن المبارك والنخعي وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة والهادوية إن كلام الناسي والجاهل مبطل للصلاة قلّ أو كثر كالعامد (واستدلوا) بحديث زيد بن أرقم المذكور وسائر الأحاديث المصرّحة بالنهى عن الكلام في الصلاة "قالوا" وظاهرها عدم الفرق بين العامد والناسي والجاهل (ووافقهم) المالكية في الجاهل (وكذا الشافعية) إلا أنهم قالوا يغتفر لقريب العهد بالإِسلام يسير الكلام (وفي المغني) للحنابلة إن تكلم جاهلًا لتحريم الكلام في الصلاة فقال القاضي في الجامع لا أعرف عن أحمد نصًا في ذلك. ويحتمل أن لا تبطل صلاته لأن الكلام كان مباحًا في الصلاة بدليل حديث ابن مسعود وزيد بن أرقم ولا يثبت حكم النسخ في حق من لم يعلمه بدليل أن أهل قباء لم يثبت في حقهم حكم نسخ القبلة قبل علمهم فبنوا على صلاتهم اهـ
(وقالت) المالكية والشافعية كلام الناسي يبطل كثيره دون يسيره
(وقال) الحنابلة إن الناسي على نوعين (أحدهما) أن ينسى أنه في صلاة وفيه روايتان
(إحداهما). لا تبطل لأنه صلى الله عليه وآله وسلم تكلم في قصة ذى اليدين ولم يأمر معاوية بن الحكم بالإعادة إذ تكلم جاهلًا وما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان
(ثانيتهما) تبطل لعموم أحاديث المنع من الكلام في الصلاة ولأنه ليس من جنس ما هو مشروع فلم يسامح فيه بالنسيان كالعمل الكثير من غير جنس الصلاة
(النوع الثاني) أن يظن أن صلاته قد تمت فيتكلم فإن كان سلاما لم تبطل الصلاة رواية واحدة لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه فعلوه وبنوا على صلاتهم ولأن جنسه مشروع في الصلاة فأشبه الزيادة فيها منْ جنسها. وإن لم يكن سلاما فالمنصوص عن أحمد في رواية عن أصحابه أنه إذا تكلم بشئ بما تكمل به الصلاة أو شيء من شأن الصلاة مثل كلامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لذى اليدين لم تفسد صلاته وإن تكلم بشئ من غير أمر الصلاة كقوله يا غلام اسقني ماء بطلت صلاته اهـ من المغني
(وممن فرق) بين كلام العامد وغيره ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير من الصحابة ومن التابعين عروة وعطاء والحسن البصري وحكاه الحازمى عن عمرو بن دينار ونفر من أهل الكوفة وعن أكثر أهل الحجاز وحكاه النووي عن الجهور
(واستدلوا) على عدم فساد صلاة الناسي بما رواه ابن ماجه والدارقطني والطبراني والحاكم والبيهقي مرفوعًا رفع عن أمتي الخطأ والنسيان (وبأن) النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تكلم حال السهو وبنى على صلاته كما في حديث ذى اليدين
(واستدلوا) على عدم فساد صلاة الجاهل بحديث معاوية بن الحكم الآتي