من سعيه وعمله, وثبت في الصحيح من "دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا والحديث رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة, والمختار عند بعض أصحاب مالك والشافعي أنه يصل إذا جعلها من قبيل الدعاء كأن يقول بعد القراءة اللهم اجعل ثواب ما قراته لفلان:
قال الإمام النووي في الأذكار: أجمع العلماء على أن الدعاء للأموات ينفعهم ويصلهم ثوابه واحتجوا بقول الله تعالى (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان) وغير ذلك من الآيات المشهوره بمعناها وبالأحاديث المشهورة كقوله صلى الله عليه وسلم "اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد" ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم (اللهم اغفر لحينا وميتنا) وغير ذلك.
واختلف العلماء في وصول ثواب قراءة القرآن, فالمشهور من مذهب الشافعي وجماعة أنه لا يصل وذهب أحمد بن حنبل وجماعة من العلماء وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أنه يصل فالاختيار أن يقول القارئ بعد فراغه اللهم أوصل ثواب ما قراته إلى فلان اهـ
وقال ابن أبي زيد في رسالته وشارحها العلامة النفراوي وأرخص أي استحب بعض العلماء وهو ابن حبيب في القراءة عند رأسه أو رجليه" أي المحتضر" (بسورة يس) لخبر "إذا قرئت عليه سورة يس بعث الله ملكًا لملك الموت أن هون على عبدي الموت" وحديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "ما من ميت تقرأ عند سورة يس إلا هون الله عليه" وقال أيضًا "اقرءوا على موتاكم يس" وقال ابن حبان أراد به بعض من حضره الموت لا أن الميت يقرأ عليه (ولم يكن ذلك) أي المذكور من القراءة عند المحتضر عند مالك "أمرًا معمولًا" به تكره عنده قراءة يس أو غيرها عند موته أو بعده أو على قبره.
قال ابن عرفة وغيره من العلماء: ومحل الكراهة عند مالك في تلك الحالة إذا فعلت على وجه السنية, وأما لو فعلت على وجه التبرك بها ورجاء حصول بركة القرآن للميت فلا وأقول هذا هو الذي يقصده الناس بالقراءة فلا ينبغي كراهة ذلك في هذا الزمان, وتصح الإجارة عليها.
قال القرافي والذي يظهر حصول بركه القرآن للأموات كحصولها بمجاورة الرجل "الصالح إلى أن قال" وذكر صاحب المدخل أن من أراد حصول بركة قراءته وثوابها للميت بلا خلاف فليجعل ذلك دعاء فيقول: اللهم أوصل ثواب ما أقرأه لفلان أو ما قرأته, وحينئذ يحصل للميت ثواب القراءة, وللقارئ ثواب الدعاء اهـ كلام النفراوي.
أما القراءة بأجر ولو بلا شرط فذهبت الحنفية والحنابلة إلى أنه لا ثواب فيها, وأن الآخذ والمعطي آثمان لحديث عبد الرحمن ابن شبل أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "اقرءوا القرآن واعملوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلو فيه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به" رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني والبيهقي في الشعب بسند رجاله ثقات. وذهبت الشافعية والمالكية إلى جواز أخذ الأجر على قراءة القرآن