الطبقة الثالثة يروى عن عائشة ويروى عنه أبو حزرة، وقد اشتبه الأمر على العيني ففهم أن عبد الله هنا هو الذى في رواية مسلم. لكن ينافيه تصريح المصنف بأنه أخو القاسم
(قوله قال ابن عيسى في حديثه ابن أبي بكر) أى زاد محمد بن عيسى في روايته لفظ ابن أبي بكر بعد عبد الله ابن محمد واقتصر أحمد ومسدد على ذكر عبد الله بن محمد، فقوله ابن أبي بكر صفة لمحمد، وقوله قال ابن عيسى جملة معترضة بين الصفة والموصوف
(قوله ثم اتفقوا أخو القاسم) أى اتفق أحمد ومسدد ومحمد في روايتهم فقالوا أخو القاسم بن محمد، وأخو القاسم مرفوع على أنه صفة لعبد الله
(قوله فقام القاسم الخ) سبب قيامه ما في مسلم عن ابن أبي عتيق قال تحدّثت أنا والقاسم عند عائشة حديثا وكان القاسم رجلا لحانة وكان لأم ولد فقالت له عائشة مالك لا تحدّث كما يتحدّث ابن أخى هذا أما إني قد علمت من أين أتيت هذا أدبته أمه وأنت أدبتك أمك فغضب القاسم (وأضبّ بفتحتين فموحدة مشدّدة أى حقد) عليها فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام قالت أين قال أصلى قالت اجلس قال إني أصلى قالت اجلس غدر إني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان.
(معنى الحديث)
(قوله لا يصلى بحضرة الطعام) بالبناء للمفعول، وفي نسخ بحضور الطعام، وفي رواية مسلم لا صلاة بحضرة الطعام، أى طعام تميل نفس مريد الصلاة إليه أى لا يشرع أحدكم في صلاة ولو فرضا عند حضور أى طعام تتعلق به النفس إلا بعد الأكل وأخذ النفس حاجتها من الطعام، والنفي هنا بمعنى النهى للتنزيه عند الجمهور وللتحريم عند الظاهرية وابن حزم وأبي ثور وجماعة وجزموا ببطلان الصلاة إذا قدّمت، والطعام المتيسر حضوره عن قرب كالحاضر، وهذا ما لم يضق الوقت بحيث يخاف خروج وقت الصلاة وإلا صلى وجوبا ولا يؤخرها محافظة على حرمة الوقت، هذا ما ذهب إليه الجمهور لما جاء عن جابر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا تؤخروا الصلاة لطعام ولا لغيره رواه البغوى في شرح السنة وسيأتي للمصنف، قال ابن الملك يحمل هذا الحديث على ما إذا كان متماسكا في نفسه لا يزعجه الجوع أو كان الوقت ضيقا يخاف فوته توفيقا يين الأحاديث اهـ (قال) في النيل في الصلاة بحضرة الطعام المرغوب فيه مذاهب فالجمهور على أن تقديم الأكل على الصلاة مندوب إذا كان الوقت متسعا وإلا لزم تقديم الصلاة، وحكى أبو سعيد المتولي عن بعض الشافعية أن تقديم الأكل على الصلاة مطلوب ولو ضاق الوقت، وإليه ذهب ابن حزم ونقل القاضى عياض عن أهل الظاهر أن تقديمه على الصلاة واجب إذا كان الوقت متسعا فلو قدّمها لا تصح، ونسبه الترمذى إلى أبي بكر وعمر وابن عمر وأحمد وإسحاق، ويلحق بالطعام ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع اهـ ملخصا