للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزيد الأنصاري كما جزم به عبد الغني بن سعيد في المبهمات، فقد روى من طريق عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلي آله وسلم سمع صوت قارئ يقرأ فقال صوت من هذا، قالوا عبد الله بن يزيد، قال لقد أذكرني آية يرحمه الله كنت أنسيتها. وقيل هو عباد بن بشر الأنصاري لما في رواية للبخاري من حديث عباد بن عبد الله عن عائشة تهجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسمع صوت عباد يصلي في المسجد فقال عائشة أصوت عباد هذا، قلت نعم قال اللهم ارحم عبادًا ويؤيد الأول مشابهة قصة عمرة عن عائشة التي ذكرها عبد الغني في المبهمات بقصة عروة عنها التي في حديث الباب، بخلاف قصة عباد بن عبد الله عنها فليس فيها تعرض لنسيان الآية أفاده الحافظ في الفتح

(قوله فقرأ فرفع صوته) يعني في المسجد كما جاء في رواية للبخاري عن عائشة قالت سمع النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم رجلًا يقرأ في المسجد الخ

(قوله كأين من آية أذكرنيها الليلة) أي كثير من الآيات أذكرنيه بقراءته الليلة، فكأين بكاف وهمزة مفتوحتين وياء مكسورة مشددة ونون ساكنة للتكثير بمعنى كم مبتدأ، ويحتمل أن يكون كأين من آية مفعول لمحذوف يفسره المذكور، ولعله إشارة إلى قوله تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)

(قوله كنت أسقطتها) أي تركتها نسيانًا وفي رواية لمسلم عن عائشة قالت كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم يستمع قراءة رجل في المسجد فقال رحمه الله لقد أذكرني آية كنت أنسيتها, وفي رواية معمر عن هشام عند الإسماعيلي

كنت نسيتها بفتح النون ليس قبلها همزة. هذا وقد اختلف العلماء في نسيان القرآن فمنهم من جعله كبيرة محتجًا بما أخرجه الترمذي والمصنف عن أنس مرفوعًا عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها وفي سنده ضعف وتقدم الكلام على هذا في "باب في كنس المساجد"

(فقه الحديث) دل الحديث علي جواز رفع الصوت بالقراءة في الليل ولو في المساجد لأنه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم سمعه وأقره، وهو محمول عل رفع شأنه أن لا يحصل منه التشويش. ويدل له ما في الحديث الآتي من نهيه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم عن رفع الصوت بالقراءة، وعلى مشروعية الدعاء لمن تسبب في خير للغير، وعلي حواز النسيان على النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم فيما بلغه للأمة وهذا متفق عليه. أما ما لم يبلغه فلا يجوز عليه نسيانه قبل التبليغ. وتقدم الكلام علي هذا في سجود السهو

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البخاري ومسلم من عدة طرق بألفاظ متقاربة، وأخرجه النسائي والبيهقي ومحمد بن نصر في قيام الليل. وفي بعض النسخ بعد هذا الحديث زيادة قوله "قال أبو داود ورواه هارون النحوي عن حماد بن سلمه في سورة آل عمران في الحروف وكأين من نبي" أي أن هارون بن موسى الأزدي أبو عبد الله النحوي روى هذا الحديث عن حماد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>