(قوله ما يكره من البول) ما استفهامية ويكره بضم أوله مبنى لما لم يسمّ فاعله أى يبغض ومن زائدة والبول نائب فاعل أى قالوا لأى شئ يكره البول في الجحر فالاستفهام إنما هو عن سبب كراهة البول في الجحر
(قوله قال كان يقال الخ) أي قال قتادة يقال في سبب كراهة البول في الجحر إنها مساكن الجن فينبغى اجتناب البول فيها منعا للإيذاء والضرر وفى رواية البيهقى والحاكم فقال إنها مساكن الجن بدون قوله كان يقال. قال المناوى في شرحه الكبير ويؤيده الأثر الصحيح أن سعد بن عبادة الخزرجى بال في جحر ثم خرّ ميتا فسمعت الجن تقول نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسهم فلم يخطئ فؤاده، قال في المرقاة شرح المشكاة بعد أن ذكر هذا الأثر الله أعلم بصحته اهـ والضمير في أنها يحتمل أن يكون عائدا على الأجحار المفهومة من السياق بدليل الجمع في قوله مساكن، ويحتمل أن يكون عائدا على الجحر بمعنى الفرجة، وجمع الخبر باعتبار الجنس، والمراد بالجن كل ما هو مستور عن أعين الناس لا خصوص أحد الثقلين فيشمل الحشرات والهوام، والجن في الأصل ضدّ الإنس مأخوذ من الاجتنان وهو الاستتار سموا بذلك لاستتارهم عن أعين الناس وهو اسم جنس واحده جنى وهم أجسام يغلب عليها الجزء النارى وقيل الهوائي من شأنهم الخفاء ولهم قدرة على التشكل بالصور الشريفة والخسيسة وتحكم عليهم الصورة بخلاف الملائكة فإنهم أجسام نورانية لهم قدرة على التشكل بالصور الشريفة فقط ولا تحكم عليهم الصورة. قال في آكام المرجان الجنّ ثلاثة أصناف كما جاء في الحديث، روى ابن أبى الدنيا عن أبى الدرداء قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خلق الله تعالى الجن ثلاثة أصناف صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض وصنف كالريح في الهواء وصنف عليهم الحساب والعقاب اهـ وهذا القسم الأخير هو المكلف من حين الخلقة فمنهم المؤمن ومنهم الكافر قال تعالى حكاية عنهم (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا) قال المفسرون أى فرقا مختلفة الأديان يهودا ونصارى وعبدة أوثان، وقال الألوسى في روح المعاني، أخرج البيهقى في الأسماء وأبو نعيم والديلمى وغيرهم بإسناد صحيح كما قاله العراقى عن أبى ثعلبة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الجن ثلاثة أصناف صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون، وقال وهب إن من الجن من يولد له ويأكلون ويشربون بمنزلة الآدميين ومنهم من هو بمنزلة الريح لا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون وهم الشياطين اهـ واختلف في أصل الجن فقيل هم ذرية إبليس كما قاله الحسن وعليه فالمتمرّد منهم يسمى شيطانا وقيل هم ذرية غيره كما قاله مجاهدا والشياطين ولد إبليس يموتون معه عند النفخة، والراجح الأول فمن آمن من الجن فقد انقطعت نسبته من أبيه والتحق بآدم ومن كفر من