من الصيغ التى يكنى بها أصحاب الحديث عن قولهم قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لكونه روى بالمعنى أو اختصر كما تقدم في المقدمة
(قوله الغائط) المراد به هنا المكان المطمئن من الأرض
(قوله بغائط) متعلق بمحذوف حال من فاعل تستقبلوا أى لا تستقبلوا الكعبة حال كونكم متلبسين بقضاء الحاجة فالمراد بالغائط هنا الخارج المعروف. وفى رواية البخارى ومسلم فلا تستقبلو االقبلة ولا تستدبروها
(قوله ولكن شرّقوا) أى توجهوا إلى ناحية المشرق أو المغرب حال قضاء حاجتكم لئلا تستقبلوا أو تستدبروا القبلة. وهذا خطاب لأهل المدينة ومن على هيئتهم من أهل كل جهة إذا شرّقوا أو غرّبوا لا يكونون مستقبلى القبلة ولا مستدبريها فلا يدخل معهم أهل ناحية يكونون مستقبلى القبلة ومستدبريها إذا شّرقوا أو غربوا
(قوله أو غرّبوا) هو في أكثر النسخ والكتب الستة ومختصر المنذرى بأو وفى بعض النسخ بالواو فتكون بمعنى أو
(قوله فقدمنا الشام) أى عام فتحها وهو من كلام أبى أيوب كما صرّح به مسلم والضمير له ولمن معه
(قوله مراحيض) بفتح الميم وبالحاء المهملة والضاد المعجمة جمع مرحاض بكسر الميم وهو في الأصل موضع الرحض أى الغسل ثم كنى به عن البيت المتخذ لقضاء حاجة الإنسان من الغائط والبول لأنه موضع غسل النجاسة
(قوله قبل الكعبة) أى جهتها وفى نسخة قبل القبلة وقبل بكسر القاف وفتح الموحدة
(قوله ونستغفر الله) أى نسأله المغفرة أى محو الذنوب أو سترها عن أعين الملائكة فلا يؤاخذنا بها وفى شرح عمدة الأحكام ونستغفر الله قيل يراد به ونستغفر الله لمن بنى الكنف على هذه الصورة الممنوعة عنده وإنما حملهم علي هذا التأويل أنه إذا انحرف عنها لم يفعل ممنوعا فلا يحتاج إلى الاستغفار. والأقرب أنه استغفار لنفسه ولعل ذلك لأنه استقبل واستدبر بسبب موافقته لمقتضى النهى غلطا أو سهوا فيتذكر فينحرف ويستغفر الله "فإن قلت" فالغالط والساهي لم يفعلا إثما فلا حاجة بهما إلى الاستغفار، "قلت" أهل الورع والمناصب العلية في التقوى قد يفعلون مثل هذا لنسبتهم النقص إلى أنفسهم في عدم التحفظ ابتداء اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على تعظيم القبلة ومنع استقبالها ببول أو غائط. وعلى أنه تطلب المحافظة على الآداب ومراعاتها في كل حال بما يقدر عليه. وبظاهر الحديث أخذ أبو حنيفة ومجاهد وإبراهيم النخعى وسفيان الثورى وغيرهم من أصحاب القول الثانى المذكور في شرح حديث سلمان الفارسى القائلين بحرمة استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة في الصحراء والبنيان قال الحافظ السيوطى قال القاضى أبو بكر بن العربى وهو المختار لأنا إذا نظرنا إلى المعانى فالحرمة للقبلة فلا يختلف في البنيان ولا في الصحراء وإن نظرنا إلى الآثار فحديث أبى أيوب عام وحديث ابن عمر لا يعارضه لأنه قول وهذا فعل ولا معارضة بين القول والفعل ولأن الفعل لا صيغة له وإنما هو حكاية حال وحكاية الأحوال معرّضة للأعذار والأسباب، والأقوال لا تحتمل ذلك اهـ بتصرف قال بن دقيق العيد في شرح العمدة إن حمل حديث أبى أيوب على الصحارى مخالف لما حمله عليه أبو أيوب من العموم فإنه قال فأتينا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فننحرف عنها فرأى النهى عاما وأبو أيوب من أهل