للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت المالكية تكره قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة وإنما يثني المصلي على الله تعالى ويصلي استحبابًا على نبيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ويدعو وجوبًا بعد كل تكبيرة (وفي الطراز) لا تكون الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والتحميد في كل تكبيرة؛ بل في الأولى ويدعو في غيرها.

واستدلوا على كراهة القراءة بما رواه مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة. ومحل الكراهة ما لم يقصد المصلي بالإتيان بها الخروج من الخلاف، وإلا فيندب الإتيان بها بعد شيء من الدعاء فإن العبادة المتفق عليها خير من المختلف فيها.

والراجح القول بمشروعية قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى لقوة أدلته واختاره ابن حزم فقال: إذا كبر الأولى قرأ أم القرآن ولا بد وصلى على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإن دعا للمسلمين فحس ثم يدعو للميت في باقي الصلاة وساق نحو ما تقدم ذكره من الأحاديث دليلًا على ما ذكره. وقال واحتج من منع من قراءة القرآن فيها بما روي عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "أخلصوا له الدعاء". قال هذا حديث ساقط ما روي قط من طريق يشتغل بها أي يعتنى بها. ثم لو صح لما منع من القراءة لأنه ليس في إخلاص الدعاء للميت نهي عن القراءة ونحن نخلص له الدعاء ونقرأ كما أمرنا اهـ.

وتقرأ الفاتحة سرًا وهو قول أكثر أهل العلم كما تقدم في رواية الشافعي وكما يشعر به ما رواه الحاكم من طريق ابن عجلان أنه سمع سعيد بن أبي سعيد يقول: صلى ابن عباس على جنازة فجهر بالحمد ثم قال إن ما جهرت لتعلموا أنها سنة. فإنه يشعر بأن القراءة تكون سرًا. وإن ما جهر ليعلم القوم أن قراءة الفاتحة سنة. وقال بعض الشافعية إن صلى ليلًا جهر، وإلا أسر. ولا وجه لهم في ذلك.

وتجوز قراءة سورة بعد الفاتحة لما في رواية النسائي عن طلحة بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت بيده فسألته فقال سنة وحق.

أما الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في صلاة الجنازة فثابتة أيضًا لما تقدم في رواية الشافعي عن أبي أمامة: ولما رواه إسماعيل القاضي في كتاب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وابن الجارود في المنتقى عن أبي أمامة أيضًا أنه قال: إن السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب ويصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، ثم يخلص الدعاء للميت حتى يفرغ ولا يقرأ إلا مرة ثم يسلم.

قال الحافظ ورجاله مخرج لهم في الصحيحين. قال في النيل لم يرد ما يدل على تعيين موضعها والظاهر أنها تفعل بعد القراءة ثم يكبر بقية التكبيرات ويستكثر من الدعاء بينهن للميت ويسلم بعد الرابعة، وهو مجمع عليه اهـ.

(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري والترمذي وصححه وابن حبان والحاكم والبيهقي

<<  <  ج: ص:  >  >>