عليهم. فقد روى أحمد عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عام الفتح فى شهر رمضان حتى مر بغدير فى الطريق، وذلك فى نحر الظهيرة فعطش الناس فجعلوا يمدون أعناقهم وتتوق أنفسهم إليه فدعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقدح فيه ماء فأمسكه على يده حتى رآه الناس ثم شرب فشرب الناس (وفى الحديث) دليل على أنه يجوز لمن نوى الصيام بالليل وهو مسافر أن يفطر فى النهار وهو قول الجمهور. وقال عبيدة السلمانى وأبو مجلز وسويد بن غفلة: لا يباح الفطر متى سافر بعد دخول الشهر لقوله تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وهذا قد شهده وهو مقيم. لكن هذا غير مسلم. فإن الأحاديث الكثيرة دلت عل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شهد الشهر وهو مقيم ثم سافر وأفطر وقوله تعالى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} المراد من شهده كله خاليا من الأعذار يجب عليه الصوم (والحديث) أخرجه أيضا البخاري ومسلم والنسائي والطحاوي والبيهقي والدارمي بألفاظ متقاربة
(قوله سافرنا مع رسول الله) هكذا رواه مالك أيضا عن حميد وتابعه جماعة من الحفاظ. منهم أبو إسحاق الفزارى وأنس بن عياض وعبد الوهاب الثقفي كلهم عن حميد "فما" ذكره ابن وضاح من أن مالكا لم يتابع على هذا اللفظ، وأن غيره يرويه عن حميد عن أنس: كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يسافرون فيصوم بعضهم ويفطر بعض، فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، بدون ذكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا أنه كان يشاهد أحوالهم "غير مسلم" اهـ. من الزرقاني. ملخصا
(قوله فلم يعب الصائم على المفطر) وعند مسلم حديث أبى سعيد: إنا نغزو مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلا يجد الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم يرون أن من وجد قوّة فصام فإن ذلك حسن ومن وجد ضعفا فأفطر أن ذلك حسن (وظاهر أحاديث الباب) أن المسافر فى رمضان مخير بين الصوم والإفطار، وبهذا قال ابن عباس وأنس وأبو سعيد وسعيد بن المسيب والحسن البصرى والنخعي ومجاهد والأوزاعى والليث وعطاء وسعيد بن جبير أخذا بظاهر الأحاديث المذكورة. وفيها دليل على جواز صوم الفرض للمسافر وبه قال عامة العلماء إلا ابن عمر فقد روى عنه أنه قال إن صام فى السفر قضى فى الحضر وروى عن ابن عباس أنه