للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطحاوى رسالة كتبها عبد الله بن نافع إلى الليث بن سعد وفيها وقد كان ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما ومن أدركنا من خيار أهل أرضنا يعرض أحدهم ناقته بينه وبين القبلة فيصلى إليها وهي تيعر وتبول (قال) الإمام الشافعى رحمه الله تعالى في الأمّ وفي قول النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جنّ من جنّ خلقت، دليل على أنه إنما نهى عنها كما قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين نام عن الصلاة اخرجوا بنا من هذا الوادى فإنه واد به شيطان فكره أن يصلى في قرب الشيطان فكان يكره أن يصلى قرب الإبل لأنها خلقت من جنّ لا لنجاسة موضعها اهـ وهذا التفصيل إن عاد الضمير في قوله إنها على الإبل فإن عاد على المبارك وهو الظاهر كما قالت المالكية والشافعية والحنفية فهى منهىّ عن الصلاة فيها مطلقا

(قوله في مرابض الغنم) جمع مرابض مثل مجلس وهو مأواها ليلا وقيل مأواها عند الماء

(قوله فقال صلوا فيها) أى في المرابض، والأمر للإباحة لا للوجوب اتفاقا كما قاله العراقي

(قوله فإنها بركة) أى ذات بركة، وفى نسخة فإنها مباركة وهو تعليل لإباحة الصلاة في مرابض الغنم، والمراد منه التفرقة بين الغنم والإبل بأن الغنم ليس فيها تمرّد ولا شراد كالإبل بل فيها بركة وسكينة فلا تؤذى المصلى ولا تؤدى إلى قطع صلاته (وقد تمسك) بحديث الباب العترة والنخعى والأوزاعي والزهرى والحكم والثورى وعطاء ومالك وأحمد ووافقهم من الشافعية ابن خزيمة وابن حبان وابن المنذر والإصطخرى والروياني على طهارة أبوال الغنم وأبعارها وقالوا لأن مرابضها لا تخلو عن ذلك "فإن قيل" لا دلالة في الحديث على مباشرة الأبوال والأزبال بل فيه تعليل إباحة الصلاة في مرابض الغنم بأنها بركة وهو كناية عن كونها لا تؤذى كالإبل "قلنا" الغالب أن من صلى في مثل هذا الموضع لا يأمن من أن يصيبه شئ من أبوالها وأزبالها ولو كان نجسا لبينه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في جواب السائل لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز ولما أمر بالصلاة فيها لأن محل النجاسات مأوى الشياطين فاقتصاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في البيان على ما ذكر دليل على عدم نجاستها. ويؤيده ما أخرجه البخارى والترمذى عن أنس قال كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلى قبل أن يبنى المسجد في مرابض الغنم. ومثل الغنم الإبل وكل ما يؤكل لحمه قياسا على الغنم، والنهى عن الصلاة في مبارك الإبل لا لنجاستها بل لنفارها كما تقدم. وقد بوّب البخارى في صحيحه لذلك وقال باب أبوال الإبل والدوابّ والغنم ومرابضها وصلى أبو موسى في دار البريد والسرقين والبرية إلى جنبه فقال هاهنا وثمّ سواء اهـ وهذا الأثر وصله أبو نعيم قال حدثنا الأعمش عن مالك بن الحويرث عن أبيه قال صلى بنا أبو موسى في دار البريد وهناك سرقين الدوابّ والبرية على الباب فقالوا لو صليت على الباب فقال هاهنا وثمّ سواء "ودار البريد موضع بالكوفة كانت الرسل تنزل فيه إذا حضرت من

<<  <  ج: ص:  >  >>