للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلاة العشاء

(قوله قال وكان الحسن الخ) أي قال قتادة كان الحسن البصري يقول المراد من التجافي في قوله تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ) قيام الليل، وهذا هو المشهور عند الجمهور، وبه قال مجاهد ومالك والأوزاعي وغيرهم، ويشهد لهم ما أخرجه أحمد والترمذي وصححه النسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب ومحمد بن نصر في قيام الليل عن معاذ ابن جبل قال أقبلنا مع النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من غزوة تبوك فلما رأيته خاليًا قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال بخ بخ لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتلقى الله لا تشرك به شيئًا أولا أدلك على أبواب الجنة: الصوم جنة والصدقة برهان وقيام الرجل في جوف الليل يكفر الخطيئة وتلا هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا) إلى (يَعْمَلُونَ)

وما أخرجه الطبري في تفسيره بسنده إلى عروة بن الزبير عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تكفر الخطيئة وقيام العبد في جوف الليل وتلا هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا)، وما أخرجه بسنده إلى مجاهد قال ذكر رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وسلم قيام الليل ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه فقال (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)

(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترغيب في الإكثار من الصلاة بين المغرب والعشاء أو على قيام الليل. وعلى مدح من واظب على ذلك. وقد أشار الله تعالى إلى عظم ما يكون لهم بقوله (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه البيهقي بطوله والترمذي مختصرًا وصححه، ولفظه عن أنس في قوله تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)، نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة. وأخرجه ابن منده من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في هذه الآية قال يصلون ما بين المغرب والعشاء، قال العراقي إسناده جيد، ورواه أيضًا من طرق أخرى

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} قَالَ: كَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ زَادَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى: وَكَذَلِكَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ}.

(ش) (ابن أبي عدي) هو محمد أبو عمرو البصري تقدم بالثالث صفحة ١٠. و (سعيد) ابن أبي عروبة. و (قتادة) بن دعامة

(قوله كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون) أي كانوا ينامون

<<  <  ج: ص:  >  >>