عنقه. وفي رواية للبخاري: بينا رجل واقف مع رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وسلم بعرفة إذ وقع من راحلته فأوقصته. أي قتلته وهشمته
(قوله كفنوه في ثوبيه) يعني بهما الإزار والرداء لأن المحرم لا يلبس الثياب المخيطة، وفي رواية للبخاري والرواية الآتية وكفنوه في ثوبين. قال القاضي عياض. وأكثر الروايات في ثوبين
(قوله ولا تخمروا رأسه الخ) أي ولا تستروه لأن الله يبعثه يوم القيامة علي الهيئة التي مات عليها من الإحرام والتلبية، كالشهيد يأتي يوم القيامة وجرحه يشخب دمًا
(وفي الحديث) دلالة على أن المحرم إذا مات لا يكفن في الخيط ولا تغطى رأسه لبقاء حكم إحرامه كما هو ظاهر التعليل. وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق أخذًا بظاهر الحديث، وهو قول عثمان وعليّ وابن عباس وعطاء والثوري وإسحاق.
وقال أبو حنيفة ومالك وطاوس والأوزاعي إذا مات المحرم انقطع إحرامه فيلبس المخيط وتغطى رأسه ويطيب، وهو مروي عن عائشة وابن عمر, فقد مات ابنه واقد وهو محرم فكفنه وخمر وجهه ورأسه وقال: لولا أنا محرمون لخطناك يا واقد رواه مالك في الموطأ,
وروى عبد الرزاق في مصنفه بأسانيد جياد عن عطاه وقد سئل عن المحرم يغطى رأسه إذا مات فقال: غطى ابن عمر وكشف غيره. وقال طاوس يغيب رأس المحرم إذا مات. وقال الحسن إذا مات المحرم فهو حلال.
وفي حديث مجاهد عن عامر الشعبي إذا مات المحرم ذهب إحرامه. وفي حديث إبراهيم عن عائشة إذا مات المحرم ذهب إحرام صاحبكم وحكى ابن حزم أنه صح عن عائشة تحنيط الميت المحرم إذا مات وتطييبه وتخمير رأسه، قالوا لأن الإحرام عبادة تبطل بالموت كالصلاة والصوم.
وأجابوا عن حديث الباب بأنه خصوصية لهذا الرجل لأن إخباره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه يبعث ملبيًا شهادة منه بأن حجه قد قبل وذلك غير محقق لغيره، وبأن عمله قد انقطع بموته لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم والبخاري في الأدب، وليس هذا منها وفي الحديث اغسلوه بسدر. والمحرم لا يجوز غسله بالسدر.
لكن يقال عليه إن الأصل عدم الخصوصية وأن قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: يبعث ملبيًا. لا ينحصر فيما قالوا، بل هو ظاهر في بقاء حكم الإحرام فإن التلبية شعار المحرم فالحكم عام لكل محرم. يؤيده ما رواه النسائي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، اغسلوا المحرم في ثوبيه اللذين أحرم فيهما واغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة محرمًا" فظاهره يعم كل محرم، وكونه جاء في رسول مخصوص لا يقدح لأن العبرة بعموم اللفظ "وتمسكهم" بقوله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث "ليس على ما ينبغي" لأن ما يصنع به بعد