للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس مرادا بل المراد منه الانتقال عن محل قضاء الحاجة فيشمل ما لو كان في الصحراء

(قوله غفرانك) مصدر بمعني الستر والتغطية يقال غفر يغفر غفرا وغفرانا ومغفرة والمغفرة العفو عن المذنبين وقال النووى المراد بغفران الذنب إزالته وإسقاطه وهو منصوب إما على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره أسألك أو أطلب منك أو على أنه مفعول مطلق أى اغفر غفرانك وعلى كل فالجملة مقول القول وإضافته للضمير من إضافة المصدر لفاعله والمفعول محذوف أى أسألك أن تغفر لى ذنوبى قال المناوى وظاهر الحديث أنه يقوله مرة وقال القاضى وغيره مرتين وقال المحب الطبرى ثلاثا اهـ ولم نقف على ما يدل على التكرار. وفى سبب طلب المغفرة هنا احتمالات (الأول) أنه سأل المغفرة لتركه ذكر الله تعالى في تلك الحالة فإنه كان لا يترك ذكر الله تعالى إلا عند قضاء الحاجة فكأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى ذلك تقصيرا فتداركه بالاستغفار. فإن قيل ترك الذكر حال قضاء الحاجة مأمور به فكيف يستغفر الله منه فالجواب أن قضاء الحاجة مسبب عن تناول الغذاء وهو ناشئ عن الشهوة (الثانى) لعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سأل المغفرة لظنه العجز عن القيام بتمام شكر النعمة من تيسير الغذاء وهضمه وإبقاء منفعته وإخراج فضلته على سهولة (الثالث) أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول هذا القول تعليما لأمته وهو الأنسب بمقامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإن قلبه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما كان يغفل عن مراقبة الله تعالى لا حال قضاء الحاجة ولا غيرها

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه يطلب ممن قضى حاجته أن يقول غفرانك سواء أكان في الصحراء أم البنيان. وعلى أن الصحابة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم كانوا حريصين على حفظ آثاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى حين خروجه من الخلاء

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والنسائى في كتاب عمل اليوم والليلة وابن ماجه والترمذى وقال هذا حديث حسن غريب ولا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة اهـ وأخرجه البيهقى بزيادة ربنا وإليك المصير ثم قال الأشبه أنه لا أصل لهذه الزيادة. وأخرجه البخارى في الأدب والضياء المقدسى في المختارة والأصفهانى وابن عبد البر في سننه والطحاوى والدارمى وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وابن الجارود والنووى في مجموعه، وقد جاء في القول بعد قضاء الحاجة أحاديث أخر (منها) ما أخرجه النسائي عن أبي ذرّ وابن ماجه عن أنس ابن مالك عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلفظ كان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذى أذهب عنى الأذى وعافانى، وهو ضعيف لأن في سنده إسماعيل بن مسلم أجمع على ضعفه وعدم التعويل على حديثه (ومنها) ما أخرجه الطبرانى في الدعاء من طريق سلمة بن وهرام عن طاوس رفعه كان إذا خرج قال الحمد لله الذى أذهب عنى ما يؤذينى وأبقى علىّ ما ينفعنى، وفى نسخة وأبقى فىّ ما ينفعنى قال الطبرانى لم نجد من

<<  <  ج: ص:  >  >>