عمل اليوم والليله, وأخرج مسلم نحوه عن أنس بلفظ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم " إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء ولا يقل اللهم ان شئت فأعطني فإن الله لا مستكره له" وأخرجه أيضًا عن أبي هريرة إن رسول الله صلى الله تعالى وعلى آله وسلم قال: إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت, ولكن ليعزم المسأله وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه
(ش)(رجال الحديث)(أبو عبيد) سعد بن عبيد الزهري مولى ابن أزهر.
روى عن عمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وعنه الزهري وسعيد بن خالد القارظي, وثقه الذهلي وابن البرقي وابن معين وابن سعد, وقال ابن حبان كان من فقهاء أهل المدينة. توفي سنه ثمان وتسعين. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله يستجاب لأحدكم ما لم يعجل) أي يجيب الله دعاء كل واحد منكم مدة عدم عجلته. وهذا شرط إجابة الدعاء
(قوله قد دعوت فلم يستجب لي) بيان للعجله وفي رواية مسلم "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل: قيل يا رسول الله ما الاستعجال قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر (أي ينقطع) عند ذلك ويدع الدعاء" والمراد إنه يمل من الدعاء فيتركه إما استبطاء أو إظهار يأس, وكلاهما مذموم أما الأول فلأنه يكون كالمنان بدعائه المبخل لربه. وأما اليأس فلأنه ربما جر إلى الكفر فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون قال ابن بطال المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه أو أنه أتى من دعاء ما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا يعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء
(فان قلت) إن الحديث يقضي بأن من استعجل الدعاء لا يستجاب له وقوله تعالى (ادعوني استجيب لكم) وقوله
(أجيب دعوة الداع إذا دعان) وعد بإجابه مطلق الدعاء (أجيب) بأن إطلاق الآية مقيد بما دل عليه الحديث, أو أن إجابة الدعاء على أنواع. منها الإجابة بعين المطلوب في الوقت المطلوب. ومنها تأخير الإجابة لوقت آخر لحكمة يعلمها الله تعالى اقتضت تأخيرها. ومنها دفع شر بدله الله له أو إعطاؤه أحسن مما طلب. ومنها ادخار الدعاء ليوم القيامة لكون الداعي أحوج إلى ثوابه فيه. قال ابن الجوزي إن دعاء المؤمن لا يرد غير أنه قد يكون الأولى تأخير الإجابة أو يعوض بما هو أولى له عاجلًا أو آجلًا, فينبغى للمؤمن ألا يترك الطلب