(قوله كان يصلى الظهر بالهاجرة) أى وقت شدّة الحر عقب الزوال وهى مأخوذة من الهجر وهو الترك سميت بها لأن الناس يتركون العمل حينئذ لشدّة الحر ويقيلون، ومقتضاه أنه كان يصليها أول وقتها فيكون معارضا لحديث الإبراد لأن كان تشعر بالكثرة عرفا كما قاله ابن دقيق العيد، ويجمع بين الحديثين بأنه أطلق الهاجرة على ما بعد الزوال مطلقا لأن الإبراد مقيد بحال شدّة الحرّ فإن وجدت شروطه أبرد وإلا عجل فالمعنى كان يصلى أول وقتها إلا إن احتاج إلى الإبراد فيبرد
(قوله والعصر والشمس حية) أى كان يصلى العصر والشمس باق ضوءها الشديد (قال) الخطابى حياة الشمس يفسر على وجهين "أحدهما" أن حياتها شدّة وهجها وبقاء حرّها لم ينكسر منه شيء "والآخر" أن حياتها صفاء لونها لم يدخلها التغير لأنهم شبهوا صفرتها بالموت اهـ
(قوله والمغرب إذا غربت الشمس) أى وكان يصلى المغرب إذا غربت الشمس وفى رواية الشيخين إذا وجبت. ولأبى عوانة من طريق أبى النضر والمغرب حين تجب الشمس والوجوب السقوط (وفيه) دلالة على أنه يدخل وقت المغرب بتحقق غروب الشمس
(قوله والعشاء إذا كثر الناس عجل وإذا قلوا أخر) الجملتان الشرطيتان في محل نصب حالان من الفاعل أى كان يصلى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم العشاء معجلا لها أول الوقت إذا كثر الناس فيه ومؤخرا لها إذا قلوا. ويحتمل أن تكونا حالين من المفعول أى صلى العشاء حال كونها معجلة في أول وقتها إذا كثروا ومؤخرة إلى ثلث الليل إذا قلوا أول الوقت، وفى رواية للبخارى والعشاء أحيانا واحيانا إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخر وفى رواية مسلم أحيانا يؤخرها وأحيانا يعجل كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخر (وفى هذا) دلالة على أن انتظار كثرة الجماعة أفضل في العشاء من صلاتها أول الوقت فرادى أو في جماعة قليلة. لكن محله ما لم يفحش التأخير ولم يشقّ على الحاضرين (قال) ابن دقيق العيد أما العشاء فاختلف الفقهاء فيها "فقال" قوم تقديمها أفضل وهو ظاهر مذهب الشافعى "وقال" قوم تأخيرها أفضل "وقال" قوم إن اجتمعت الجماعة فالتقديم أفضل وإن تأخرت فالتأخير أفضل وهو قول عند المالكية. ومستندهم هذا الحديث "وقال" آخرون إنه يختلف باختلاف الأوقات ففى الشتاء وفى رمضان تؤخر وفى غيرهما تقدم وإنما أخرّت في الشتاء لطول الليل وكراهية الحديث بعدها (وهذا) الحديث يتعلق بمسألة تكلموا فيها وهو أن صلاة الجماعة أفضل من الصلاة في أول الوقت أو بالعكس حتى أنه إذا تعارض في حق شخص أمران أحدهما أن يقدم الصلاة في أول الوقت منفردا أو يؤخر الصلاة في الجماعة أيهما أفضل والأقرب عندى أن التأخير لصلاة الجماعة أفضل وهذا الحديث يدلّ عليه لقوله وإذا أبطأوا أخر فأخر لأجل الجماعة مع إمكان التقديم. ولأن التشديد في ترك الجماعة والترغيب في فعلها موجود للأحاديث الصحيحة. وفضيلة الصلاة في أول الوقت وردت على جهة الترغيب في الفضيلة. وأما