(قوله في جفنة) بفتح الجيم وسكون الفاء هى القصعة الكبيرة وجمعها جفان وجفنات وهو متعلق بمحذوف حال من فاعل اغتسل أى مدخلة يدها في جفنة تغترف منها ليطابق قوله إن الماء لا يجنب، ويحتمل أن تكون في بمعنى من أي اغتسلت مغترفة من جفنة
(قوله أو يغتسل) شك من أحد الرواة. والذى في الترمذى فأراد أن يتوضأ بدون شك
(قوله إني كنت جنبا) تعني وقدا غتسلت منها والجنب بضم الجيم والنون من يجب عليه الغسل بالجماع أو خروج المني ويطلق على الواحد وغيره والمذكر وغيره بلفظ واحد وقد يجمع على أجناب وجنبين
(قوله لا يجنب) أى لا ينجس لما في النسائي من حديث ابن عباس أن بعض أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اغتسلت من الجنابة فتوضأ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بفضلها فذكرت ذلك له فقال إن الماء لا ينجسه شيء. وعبر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله يجنب بدل ينجس مشاكلة وكأن ميمونة فهمت أن العضو الذى عليه الجنابة في الحكم كالعضو الذى عليه النجاسة فيحكم بنجاسة الماء من غمس العضو الجنب كما يحكم بنجاسته من غمس العضو المتنجس فيه فبين لها أن الأمر بخلاف ذلك. قال في النهاية في حديث ابن عباس الإنسان لا يجنب وكذا الثوب والأرض يريد أن هذه الأشياء لا يصير شئ منها جنبا يحتاج إلى الغسل لملامسة الجنب إياها اهـ واحتج مالك والنخعى والحسن البصرى والثورى بحديث الباب على طهورية الماء المستعمل، وأجاب القائلون بأن الماء المستعمل طاهر غير مطهر بأن ميمونة إنما اغترفت من الجفنة ولم تنغمس فيها إذ يبعد الاغتسال داخل الجفنة عادة وعلى فرض أنها اغتسلت في نفس الجفنة فلا يصلح دليلا لهم للاحتمال والدليل متى تطرّقه الاحتمال سقط به الاستدلال وهذا كله مع قطع النظر عما ورد في حديث ابن عباس عن ميمونة قالت أجنبت أنا ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فاغتسلت من جفنة وفضلت فيها فضلة فجاء النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليغتسل منها فقلت إني قد اغتسلت منها فاغتسل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال إن الماء لا يجنب رواه البغوى في شرح السنة والمصابيح أما مع النظر إليه فلا دليل لهم فيه ألبتة لتصريحه بأن الغسل من الجفنة لا فيها وأنه فضل منها فضلة والحكم بطهارة تلك الفضلة لا يقتضى طهورية الماء المستعمل. أفاده في المرقاة.
(فقه الحديث) دل الحديث على جواز تطهر الرجل بفضل طهور المرأة وإن خلت به وبالأولى إذا لم تحل به وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعى وجمهور العلماء، وسيأتي تمام الكلام على بقية المذاهب في هذه المسألة في باب النهى عن الوضوء بفضل وضوء المرأة إن شاء الله تعالى
(من روى الحديث أيضا) رواه النسائي والبيهقي وابن ماجه وأحمد والترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح وصححه ابن خزيمة وروى الدارمى والدارقطني نحوه. قال في الفتح وقد أعله