للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا الحديث من طريق حميد بن هلال للعدوى قال حدثنا أبو صالح السمان قال رأيت أبا سعيد الخدرى في يوم جمعة يصلى إلى شيء يستره من الناس فأراد شاب من بني معيط أن يجتاز بين يديه فدفع أبو سعيد في صدره فنظر الشاب فلم يجد مساغا إلا بين يديه فعاد ليجتاز فدفعه أبو سعيد أشدّ من الأولى فنال من أبي سعيد ثم دخل على مروان فشكا إليه ما لقى من أبي سعيد ودخل أبو سعيد خلفه على مروان فقال مالك ولابن أخيك يا أبا سعيد قال سمعت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس وأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان

(قوله وليدرأه ما استطاع) أى ليدفع المصلى من أراد المرور بينه وبين سترته على قدر استطاعته (وظاهر الأمر) وجوب الدفع وبه قال أهل الظاهر (وقال) النووى الأمر بالدفع أمر ندب وهو ندب متأكد ولا أعلم أحدا من العلماء أوجبه بل صرّح أصحابنا وغيرهم بأنه مندوب غير واجب اهـ ويدفعه بيده إن كان قريبا منه لما سيأتي للمصنف "فليدفع في نحره" فإن كان بعيدا ردّه بالإشارة أو التسبيح (قال) القاضى عياض اتفقوا على أنه لا يجوز له المشى إليه من موضعه ليردّه وإنما يدفعه ويردّه من موقفه لأن مفسدة المشى في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه. وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه. ولهذا أمر بالقرب من سترته. وإنما يردّه إذا كان بعيدا منه بالإشارة أو التسبيح اهـ (واختلفوا) فيما إذا مرّ شخص وأدركه المصلى قبل أن يتمم المرور أيردّه أم لا فقال ابن مسعود والحسن وسالم يرده (وقال الجمهور) لا يرده لأن فيه إعادة للمرور (قال) الحافظ ويمكن حمل كلام ابن مسعود على ما إذا أراد المصلى الرّد فامتنع لا حيث يقصر المصلى في الردّ (وظاهر هذا الحديث) دفع المارّ مطلقا ولو كان صبيا، لما رواه ابن ماجه من طريق وكيع عن أسامة بن زيد عن محمد بن قيس عن أبيه عن أم سلمة قالت كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يصلى في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة فقال بيده فرجع فمرّت زينب بنت أم سلمة فقال بيده هكذا فمضت فلما صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال هنّ أغلب اهـ أى أن النساء أغلب في المخالفة والمعصية فلذلك امتنع الغلام من المرور ومضت الجارية

(قوله فإن أبي فليقاتله) أى إن امتنع المارّ عن عدم المرور فليدفعه دفعا أشد من الأول كما قاله القرطبى والشافعى (وقال جماعة) من الشافعية إن له أن يقاتله حقيقة (واستبعد) هذا لمخالفته لقاعدة الإقبال على الصلاة والاشتغال بها والخشوع فيها (وقال) القاضى عياض أجمعوا على أنه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح ولا بما يؤدى إلى هلاكه فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قود عليه باتفاق العلماء (وهل تجب) ديته أم يكون هدرا فيه مذهبان للعلماء وهما قولان في مذهب مالك (قال) ابن شعبان عليه الدية في ماله كاملة. وقيل على عاقلته. وقيل هدر ذكره ابن التين (واتفقوا) على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>