للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حزن أصحابه حتى كاد بعضهم يوسوس أى يجنّ، وقيل لولا مخافة الوسواس لكنت بأرض ليس فيها ناس، فالذى قاله أنس هو عين الذى قاله النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اهـ قال الشيخ العراقى حمل جماعة من العلماء هذا الحديث على ما إذا كان المغتسل لينا وليس فيه منفذ بحيث إذا نزل فيه البول شربته الأرض واستقرّ فيها فإن كان صلبا ببلاط ونحوه بحيث يجرى عليه البول ولا يستقر أو كان فيه منفذ كالبالوعة فلا نهى. فقد روى ابن أبى شيبة عن عطاء قال إذا كان يسيل فلا بأس، وقال ابن المبارك فيما نقله عنه الترمذي قد وسع في البول في المغتسل إذا جرى فيه الماء، وقال النووى إنما نهى عن الاغتسال فيه إذا كان صلبا يخاف منه إصابة رشاشه فإن كان لا يخاف ذلك بأن يكون له منفذ أو غير ذلك فلا كراهة اه ونحوه لابن الأثير والخطابى. قال الشيخ ولى الدين وهو عكس ما ذكره الجماعة فإنهم حملوا النهى على الأرض اللينة وحمله هو على الصلبة وقد لمح هو معنى آخر وهو أنه في الصلبة يخشى عود الرشاش وهم نظروا إلى أنه في الرخوة يستقرّ موضعه وفى الصلبة بحرى ولا يستقرّ فإذا صب عليه الماء ذهب أثره بالكلية، والحديث ليس مقيدا بشئ مما ذكر بل الظاهر إبقاؤه على عمومه ما بقى أثر النجاسة لينقطع سبيل الوسواس فلا فرق في المستحم بين أن يكون صلبا أو رخوا له منفذ أو لا. أما إذا زال أثرها فلا نهى (واعلم) أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان أحرص الناس على هداية الأمة وإرشادهم إلى ما فيه فلاحهم دنيا وأخرى فلم يدع سبيلا يرشد إلى الخير إلا وقد أمر به ولا طريقا يوصل إلى الشرّ إلا وقد نهى عنه كما قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما تركت شيئا يقربكم إلى الله تعالى إلا وقد أمرتكم به ولا شيئا يبعدكم عن الله تعالى إلا وقد نهيتكم عنه رواه الطبرانى في الكبير عن زيد بن أرقم، وقد امتن الله سبحانه وتعالى على أمته ببعثته فقال تعالى (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين) فهو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رحمة عامة ونعمة تامة فمن هدايته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وشفقته علينا نهيه لنا عن البول في محل الطهارة وإعلامه أن عامة الوسواس منه ذلك الأمر الذى يترتب عليه الخروج عن هدى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واستحواذ الشيطان على من قام به حتى يوقعه في المشقة والعناء فيخيل لمن رآه أن به جنونا وحسبك أن فحول العلماء المحققين قد ألفوا في ذم الوسواس كتبا مستقلة وأطالوا الكلام بما يشفى ويكفي، فمن ذلك ما ذكره ابن قدامة المقدسى في كتابه ذمّ الموسوسين قال إن طائفة الموسوسين قد تحقق منهم طاعة الشيطان حيث اتصفوا بوسوسته وقبلوا قوله وأطاعوه ورغبوا عن اتباع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وصحابته حتى إن أحدهم ليرى أنه إذا توضأ وضوء رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أو صلى كصلاته فوضوؤه باطل وصلاته غير صحيحة ويرى أنه إذا فعل مثل فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>