(الحديث) ولا منافاة بينها لاحتمال تعدد السائل
(قوله عن صلاة الليل) أي عن عددها أو عن مكان السلام فيها بدليل الجواب
(قوله مثنى مثنى) أي ركعتين ركعتين بأن يسلم على رأس كل ركعتين, قال الحافظ حمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل, ويحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف إذ السلام من كل ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها اهـ
(قوله فإذا خشي أحدكم الصبح) أي خاف دخول وقته بطلوع الفجر
(قوله توتر له ما قد صلى) أي تجعل تلك الركعة ما صلاه وترًا وفي الحديث دليل على أن الأفضل في صلاة الليل السلام من كل ركعتين. وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد, وقد تقدم في باب صلاة النهار بيان المذاهب وأدلتها في ذلك. وبالحديث استدل على تعيين الشفع قبل الوتر وهو المشهور عن مالك بناء على أن قوله ما قد صلى محمول على النفل.
وحمله من لا يشترط سبق الشفع على ما هو أعم من النفل والفرض, وقالوا إن سبق الشفع شرط في الكمال لا في الصحة. وهو المعتمد عند المالكية كما قاله الزرقاني. ويؤيده حديث أبي أيوب مرفوعًا "الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحده فليفعل" أخرجه المصنف في باب كم الوتر. وصح عن جماعة من الصحابة أنهم أوتروا بواحده من غير تنفل قبلها. وقد روى محمد بن نصر وغيره بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد أن عثمان قرأ القرآن ليلة في ركعه لم يصل غيرها, وفي كتاب المغازى من صحيح البخاري أن سعدًا أوتر بركعة.
وفيه في المناقب عن معاوية أنه أوتر بركعه, وأن ابن عباس استصوبه أفاده الحافظ في الفتح. وبالحديث احتج مالك والشافعي على مشروعيه الإيتار بركعه واحده. واحتجا أيضًا بما يأتي للمصنف في باب صلاة الليل عن عائشه قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة ويسجد سجدتي الفجر
(الحديث) وهو مذهب الجمهور. وقال أبو حنيفه وأصحابه لا يصح إلا بإيتار بواحدة ولا تكون الركعه الواحده صلاه أصلًا. مستدلين بما رواه النسائي بسنده إلى عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم لا يسلم في ركعتي الوتر. وبما رواه الحاكم في مستدركه بسنده إلى عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن. وقال أنه صحيح على شرط الشيخين. وأجابوا عن الحديث الباب بما قاله الطحاوي أن معناه صلى ركعه مع ثتين قبلها وتتفق بذلك الأخبار اهـ
وقالوا قوله في الحديث توتر له ما قبلها. وليس قبلها شيء لانقطاعها عنه, لكن هذا خلاف الظاهر من الحديث دليل على أن وقت الوتر يخرج بطلوع الفجر وسيأتي بيان ذلك في أبواب الوتر إن شاء الله تعالى