زمنًا يسيرًا من الليل ويقومون أكثره، فما زئدة وقيل مصدرية أولت ما بعدها بمصدر أي كان قليلًا هجوعهم وهجوع بدل اشتمال من اسم كان، وقيل معناه كانوا قليلًا يهجعون في بعض الليل وهو الوقت الذي بين المغرب والعشاء أي لا ينامون فيه بل يصلون فعلى هذا من تبعيضية
(قوله كانوا يصلون الخ) أي يتنفلون في الوقت الممتد بين صلاة المغرب وصلاة العشاء، هذا ما فسر به أنس الآية لكنها لا تدل على الاقتصار على ذلك كما قاله الجمهور، فقد قال الحسن البصري في تفسيرها كابدوا قيام الليل لا ينامون منه إلا قليلًا. وقال عبد الله بن رواحة هجعوا قليلًا ثم قاموا، وقال مسلم بن يسار المراد منها قلما يأتي على المؤمن ليلة لا يقوم فيها ونحوه عن ابن عباس وغيره
(قوله زاد في حديث يحيى الخ) أي زاد محمد بن المثنى في حديث يحيى بن سعيد دون حديث ابن أبي عدي وكذلك تتجافى جنوبهم أي أنها نزلت فيمن كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء كما نزلت فيهم كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون. وفي هذا دلالة على مزيد فضل الصالحين الذين يجتهدون في العبادة حتى في أوقات الراحة ولا يستريحون من مشاق النهار إلا زمنًا قليلًا
(والحديث) أخرجه البيهقي والحاكم ومحمد بن نصر في قيام الليل والطبري في تفسيره
(ش)(قوله إذا قام أحدكم الخ) أي إذا استيقظ أحدكم من النوم في الليل وأراد التهجد فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين كما في رواية مسلم. والحكمة في تخفيفهما أن بهما يحصل النشاط لما بعدهما من الصلاة، وقال في المرقاة قال في الأزهار المراد بهما ركعتا الوضوء ويستحب فيهما التخفيف لورود الروايات بتخفيفهما قولًا وفعلًا اهـ.
والأمر في الحديث للاستحباب بالإجماع وقد ثبت ذلك بفعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أيضًا، فقد أخرج أحمد ومسلم عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين. ولا منافاة بين هذا الحديث وبين قول عائشة فما يأتي كان يصل أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن لأن المراد كان يصلي أربعًا بعد هاتين الركعتين. ويدل علي ذلك ما أخرجه مسلم عن زيد بن خالد الجهني أنه قال لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم