للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوسطها أو أدناها ووجد ما يجبر القصور ككثرة الطرق فهو الصحيح لغيره. وإن اشتمل على أوسطها أو أدناها ولم يوجد ما يجبر القصور فهو الحسن لذاته. وإن لم يشتمل على شئ من أوصاف القبول لكن كثرت طرقه أو تقوّى بمتتابع أو شاهد (١) فهو الحسن لغيره. وصفات القبول هى العدالة، والضبط، واتصال السند، والسلامة من العلة والشذوذ. فالعدالة ملكة تحمل من اتصف بها على ملازمة التقوى والمروءة. والضبط ضبط صدر وهو أن يحفظ ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء. وضبط كتاب وهو تصحيحه وصيانته عنده منذ سمع فيه إلى أن يؤدّى منه. واتصال السند سلامته من سقوط راو منه أو أكثر بحيث يكون كل من رواته سمع ذلك المروىّ من شيخه أو أخذه عنه إجازة على المعتمد. والعلة أمر قادح مؤثر في ردّ الحديث يظهر للنقاد عند جمع طرقه كإرسال ووقف مرفوع: والشذوذ مخالفة الثقة من هو أرجح منه حفظا أو عددا بزيادة أو نقص مع عدم إمكان الجمع. وتتفاوت رتب الصحيح بتفاوت هذه الأوصاف في القوة، فما كانت رواته في الدرجة العليا من العدالة والضبط وتحرّى مخرّجيه كان أصح مما دونه ولهذا اتفقوا على أن أصح الحديث ما اتفق على إخراجه البخاري ومسلم ثم ما انفرد به البخارى في صحيحه على رأى الجمهور إلا أن الصفات التى تدور عليها الصحة من كتابه أتمّ منها في مسلم ولأن شرطه أن يكون الراوى قد ثبت لقاؤه بمن روى عنه ولو مرة وأما مسلم فاكتفى بمطلق المعاصرة مع إمكان اللقى عادة. ثم ما انفرد به مسلم. ثم ما كان على شرطهما ثم ما كان على شرط البخارى ثم ما كان على شرط مسلم ثم ما كان على شرط غيره واتفقوا أيضا على أن صحيح ابن خزيمة أصح من صحيح ابن حبان وهو أصح من مستدرك الحاكم لتفاوتهم في الاحتياط وفائدة هذا الترتيب الترجيح عند التعارض وعدم مرجح آخر

(فوائد)

(الأولى) إذا جمع بين وصفين كأن يقال حديث حسن صحيح فذلك لكون الحديث له إسنادان: أحدهما حسن. والآخر صحيح. أو له إسناد واحد وتردّد في وصفه بالحسن أو الصحة وغاية ما فيه أنه حذف منه حرف الترديد إذ حقه أن يقال فيه حسن أو صحيح

(الثانية) لا تلازم بين السند والمتن في الصحة والحسن إذ قد يصح السند أو يحسن لاجتماع شروط الصحة أو الحسن دون المتن لشذوذ أو علة قادحة فيه وقد لا يصح السند ويصح المتن من طريق آخر

(الثالثة) زيادة الثقة مقبولة ما لم تناف رواية من هو أوثق منه على الصحيح. فإن خولف بأرجح منه لمزيد ضبط


(١) المتابع بالفتح هو الفرد النسبىّ الذى تبين بعد ظن فرديته أن غيره قد وافقه حتى انتهيا إلى صحابيّ واحد؛ والمتابع بالكسر هو هذا الغير الموافق للفرد النسبيّ وهذا هو المراد هنا؛ والمتابعة قسمان: تامة وهي ما حصلت للراوى نفسه في الأخذ عن شيخه؛ وناقصة وهى ما حصلت لشيخه فما فوقه دون الراوى. والشاهد هو ما خالف الفرد النسبيّ الصحابى وشابه متنه متنه لفظا ومعنى أو معنى فقط

<<  <  ج: ص:  >  >>