فيهم، وقد علم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن القميص لا ينفعه مع نفاقه. وقيل أعطاه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قميصه لأن ابن أبيّ كان أعطى العباس عمه صلى الله عليه وآله وسلم قميصه لما أسر يوم بدر ولم يكن على العباس ثياب فأراد أن يكافئه لئلا يكون لمنافق عليه يد لم يجازه عليها.
وفي رواية للبخاري عن جابر قال: أتى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عبد الله بن أبيّ بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه. ولا منافاة بينهما لاحتمال أن معنى قوله في حديث الباب أعطاه قميصه وعد بإعطائه فأطلق على العدة اسم العطية مجازًا لتحقق وقوعها.
ومعنى قوله في حديث جابر بعد ما دفن، أدلى في حفرته، وكان أهل عبد الله خشوا على النبي صلى الله تعالى وعلى آله وسلم المشقة في حضوره فبادروا بتجهيزه قبل وصوله صلى الله تعالى وعلى آله وسلم، فلما وصل وجدهم قد أدلوه في حفرته ولم يحثوا التراب عليه فأمر بإخراجه إنجازًا لوعده بتكفينه.
(فقه الحديث) دل الحديث على عظيم مكارم أخلاق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعلى أن المنافق تجري عليه أحكام الإِسلام. وعلى مشروعية نعي الميت والإخبار بموته. وعلى مشروعية التبرك بآثار الصالحين
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وزادا فيه: ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ليصلي عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما خيرني الله فقال "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم سبعين مرة" وسأزيد على السبعين، قال إنه منافق فصلى عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأنزل الله تعالى (ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره) وفي رواية عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: لما مات عبد الله بن أبيّ بن سلول دعي له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليصلي عليه فلما قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على ابن أبيّ وقد قال يوم كذا كذا وكذا؟ قال أعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال أخر عني يا عمر، فلما أكثرت عليه قال: إني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت، فصلى عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرًا حتى نزل الآيتان من براءة (ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا إلى قوله وهم فاسقون) قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وأشار بقوله في الحديث يوم كذا كذا وكذا إلى ما قاله عبد الله بن أبيّ بعد غزوة بني المصطلق وقد ازدحم