للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيفًا فإن ما علمها يزيد على ما تقول عددًا وفيه بيان صفة الخالقية

(قوله عدد ما خلق في السماء) أي مقدار الذي خلقه في السماء أو مقدار خلقه الكائنين فيها, فما موصلة أو نكرة موصوفة وكذا يقال في البواقي

(قوله عدد ما هو خالق) أي عدد مخلوقات الله تعالى من الأزل إلى الأبد فهو إجمال بعد تفصيل, واسم الفاعل وإن كان حقيقة في الحال لكن بالنسبة إلى الله تعالى معناه الدوام والاستمرار

(قوله والله أكبر مثل ذلك) أي الله أكبر عدد ما خلق في السماء وعدد ما خلق في الأرض وعدد ما خلق بين ذلك وعدد ما هو خالق

(وفيه دلالة) على جواز عد التسبيح بالنوى أو الحصى فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم ينه المرأة عن ذلك بل أرشدها إلى ما هو أيسر لها وأفضل. ولو كان غير جائز لبين لها ذلك. ومثل النوى فيما ذكر السبحة إذ لا تزيد السبحة على ما في هذا الحديث إلا بضم نحو النوى في خيط ومثل هذا لا يعد فارقًا. على أنه قد ورد ما يدل على الترغيب في اتخاذها فقد أخرج الديلمى في مسند الفردوس من طريق زينب بنت سليمان بن علي عن أم الحسن بنت جعفر عن أبيها عن جدها عن علي رضي الله تعالى عنه مرفوعًا نعم المذكر السبحة. وقد ساق السيوطي آثار في الجزء الذي سماه المنحه في السبحة, وقال في آخره: لم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من عد الذكر بالسبحة, بل كان أكثرهم يعدونه بها ولا يرون ذلك مكروهًا ومحل جواز اتخاذ السبحة للذكر ما لم يترتب عليه رياء أو سمعه وإلا منع كما يمنع وضعها في العنق كما يفعله بعض الجهلة ووضعها في اليد وإدارتها من غير ذكر. قال صاحب المدخل من البدع الشنيعة التي تصدر من متصوفة هذا الزمان ما يفعله بعضهم من تعليق السبحة في عنقه, وقريب من هذا ما يفعله بعض من ينتسب إلى العلم فيتخذ السبحة في يده كاتخاذ المرأة السوار في يدها ويلازمها وهو مع ذلك يتحدث مع الناس في مسائل العلم وغيرها ويرفع يده ويحركها في ذراعه وبعضهم يمسكها في يده ظاهرة للناس بنقلها واحدة واحدة كأنه يذكر عليها وهو يتكلم مع الناس في القيل والقال وما جرى لفلان وما جرى على فلان, ومعلوم أنه ليس له إلا لسان واحد فعده على السبحة على هذا باطل لما علمت أنه ليس له لسان آخر حتى يكون بهذا اللسان يذكر وباللسان الآخر يتكلم فيما يختار فلم يبق إلا أن يكون اتخاذها على هذه الصفة من الشهرة والرياء والبدعة

وقد سئل العلامه شيخ المشايخ على العدوي عن اتخاذ السبح (فأجاب) بأن اتخاذ السبح الكبار من خشب أو عظم أو غير ذلك حرام يجب التباعد عنه باتخاذ سبحة من السبح المعتادة مما لا يحصل بها شهرة إلا أنه بعد اتخاذها على الوجه المذكور لا يكون واضعًا لها في رقبته أو نحو ذلك مما يقتضي أن حاملها من أولاد الفقراء فيؤول أمره إلى الرياء المحرم بالاجماع ويحذر أيضًا مما يفعله بعض الناس من كونه يتكلم مع الناس في اللهو واللعب ويدير السبحة من أولها إلى آخرها يوهم أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>